وحجفيه ونزل إلى فم الوادي فلما طلعت الشمس نظر إليه القوم بأعينهم وهو في فم المضيق يرمق إليهم كالذئب إذا عاين قطيع غنم فقال بعضهم وحق اللاتي والعزى ما هو جني ولو كان جنيا لغاب عند انتشار الصباح وما هو الا منفرد بنفسه يريد ان يقتلنا ونحن أربعة آلاف فارس والصواب ان نتقدم إليه عشرة عشرة (قال الراوي) فتقدم للامام عشرة من فرسانهم فلما وصلوا إليه حملوا عليه فقتل منهم سبعة وبقي ثلاثة فولوا منهزمين فقال لهم جنادة ابن عامر وكان قد تقدم عليهم بعد المغضب انطلقوا إليه عشرين فأتوا عليه وافترقوا العشرون فلم تكن الا ساعة حتى قتل منهم سبعة عشر وهزم الباقون فجعل الامام كلما قتل منهم رجلا يجره برجله حتى يخرجه من المضيق ليتسع له المكان وقد تزايد صيانة القوم وشاوروا بعضهم بعضا فاجمعوا على أن يحمل عليه مائة فارس فحملوا بأجمعهم كحملة رجل واحد ومقدمهم جنادة ابن عامر فصاح على الامام الا أخبرنا وما الذي تريد فقال لهم اصم أنتم لا تسمعون يا ويلكم أم عمي لا تبصرون ألم أقل لكم اني عبد الله وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم انا مفرق الكتائب انا ليث بني غالب انا علي بن أبي طالب (قال الراوي) فلما سمع القوم بذكره خافوا ورجفت قلوبهم وقالوا يا فتى عجبنا من أن تكون هذه الفعال لغيرك والآن فأنت صاحب هذه العجائب فاعلمنا بما تريد ونحن معك على ما أنت عليه فقال لهم أريد منكم ان تقولوا بأجمعكم لا إله إلا الله محمد رسول الله وانا انصرف عنكم راضيا وفي الآخرة مستشفعا ولمن عاداكم معاديا قال فنظر بعضهم لبعض وهموا بالاسلام ولكن خشوا جنادة بن عامر المقدم عليهم فقال جنادة الذي ذكرته دونه بعيد ودونه ضرب شديد فلا نكون لك طائعين وانما نحن لك متقدمون ثم تقدم إليه جنادة وقال لعبده كن معي معينا على كتافه جردا أسيافها وحملا على الامام رضي الله عنه فلما قربا منه رفع الامام درقته وصدم بها صدر جنادة فأدهشته الصدمة ثم على سراويله ومراق بطنه ورفعه في الهواء والتفت إلى العبد وقد ولى هاربا فاخذ سيفه وقصده قال إلى أين يا ابن السوداء فأزعجه ثم بادره فضربه على رأسه فسقط على الأرض قطعتين (قال الراوي) فلما نظر القوم إلى ذلك تأخروا إلى ورائهم وقالوا لبعضهم
(٢٧)