سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٢٨
نحن نطاوله إلى أن يضجر وليس معه ماء ولا زاد فإذا انصرف عنا مضينا إلى حال سبيلنا فسمعهم الامام وعرف ما قد عزموا عليه فقال لهم يا ويلكم ان كنتم ما تم مطاولتي حتى انصرف عنكم فذاك امل بعيد وعشاي أغنام تقوم بي أياما كثيرة ولم يقطع الله رزقي ما دمت حيا وان فرغت هذه الأغنام يرسل الله إلي الطير فأرميه بالنيال فاكل لحمه واشتق بالريح فيغنيني عن الماء وانا أظهر لكم بيان ذلك فاخذ نيله ووضعها في قوس ورمى بها طيرا طائرا فوقع إلى الأرض طريحا فأخذه وذبحه وأزال ريشه وشواه واكله فلما رأوا منه ذلك تيقنوا ان لا طاقة لهم به فألقوا أسلحتهم أجمعين واستسلموا إلى أمير المؤمنين ونادوا بأجمعهم الأمان الأمان يا ابن أبي طالب ابق علينا وأحسن بكرمك إلينا فقال لهم ان كنتم صدقتم في قولكم فليكتف بعضكم بعضا حتى انظر حقيقة امركم قال فاقبل القوم يكتف بعضهم بعضا حتى أوثقوا أنفسهم جميعا (قال الراوي) فعند ذلك تقدم الامام رضي الله عنه وقال لهم لكم واحدة من اثنين اما ان تقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله واما ان تموتون فاسلم مع الامام من القوم الف رجل وأبو عن الاسلام سبعمائة رجل وقالوا القتل أحب إلينا فقال الذين أسلموا نحن نشهد ان لا الله الا الله وأن محمدا رسول الله وقالوا له يا امام لولا أن إلهك اله عظيم قدير لما فعلت ذلك بنا واما الان فقد رضيناه الهنا.
فقال لهم الامام لا يصلح اسلامكم عندي حتى تضعوا السيف في أصحابكم الذين أبوا عن الاسلام فوضعوا السيف فيهم إلى أن قتلوهم عن اخرهم فجمع الامام الأموال بعضها وحازها واقبل عليه القوم الذين أسلموا معه وقالوا له يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلنا معك نعينك على أعدائك فقال لهم الامام دعوني في شغلي وسيروا إلى منازلكم ادعو من بقي منكم إلى الاسلام فقالوا له سمعا وطاعة ولو امرتنا ان نطلب الهضام لما يكبر علينا في رضاء الله ورسوله ورضاك فقال لهم الامام رضي الله تعالى عنه انا له طالب وسترون من نصر الله ما يسركم فقالوا له يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وهذه الغنائم ما تصنع بها فقال اني سائر بها إلى ما شاء الله يفعل فيها فقالوا له افعل ما تريد فما منا معترض لك فقال الامام رضي
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»