وهموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة وتناظروا في أمره ليخرجوه من مكة أو يقيدوه ويحبسوه حتى يهلك أو يندبوا لقتله من كل قبيلة رجلا حتى يتفرق دمه في القبائل (1).
وبالغ كل أحد منهم في ذلك بنفسه وماله وأهله وعشيرته، ونصب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الحبائل بكل طريق سرا وجهرا ليقتله، فلما أذن الله له في الهجرة وخرج من مكة ومعه صاحبه أبو بكر الصديق إلى غار ثور، جعلوا لمن جاء بهما أو قتلهما ديتهما ويقال: جعلوا له مائة بعير، ونادوا بذلك في أسفل مكة وأعلاها (2).
كل ذلك حسدا منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبغيا ويأبى الله إلا تأييد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعلاء كلمته حتى صدق الله وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وظهر أمر الله وهم كارهون - كما ذكرت ذلك ذكرا شافيا في كتاب إمتاع الأسماع بما للرسول صلى الله عليه وسلم من الأنباء والأحوال والحفدة والمتاع ولله در من قال:
عبد شمس قد أضرمت لبني * هاشم حربا يشيب منها الوليد فابن حرب للمصطفى وابن * هند لعلي وللحسين يزيد وما الأمر إلا كما قال الأخطل:
إن العداوة تلقاها وإن قدمت كالعر يكمن أحيانا وينتشر (3)