الآية كقوله تعالى: " سبح اسم ربك الاعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى " أي قدر قدرا وهدى الخلائق إليه.
" قال فما بال القرون الأولى " يقول فرعون لموسى: فإذا كان ربك هو الخالق المقدر الهادي الخلائق لما قدره، وهو بهذه المثابة من أنه لا يستحق العبادة سواه، فلم عبد الأولون غيره؟ وأشركوا به من الكواكب والأنداد ما قد علمت؟ فهلا اهتدى إلى ما ذكرته القرون الأولى؟ " قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربى ولا ينسى " أي هم وإن عبدوا غيره فليس ذلك بحجة لك، ولا يدل على خلاف ما أقول لانهم (1) جهلة مثلك، وكل شئ فعلوه مستطر عليهم في الزبر، من صغير وكبير، وسيجزيهم على ذلك ربي عز وجل، ولا يظلم أحدا مثقال ذرة، لان جميع أفعال العباد مكتوبة عنده في كتاب لا يضل عنه شئ ولا ينسى ربي شيئا.
ثم ذكر له عظمة الرب وقدرته على خلق الأشياء، وجعله الأرض مهادا والسماء سقفا محفوظا، وتسخيره السحاب والأمطار لرزق العباد ودوابهم وأنعامهم، كما قال: " كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لاولى النهى " أي لذوي العقول الصحيحة المستقيمة، والفطر القويمة غير السقيمة، فهو تعالى الخالق الرازق، وكما قال تعالى: " يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون * الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون " (2).