" قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين " وقد كان هارون عليه السلام نهاهم عن هذا الصنيع الفظيع أشد النهى، وزجرهم عنه أتم الزجر.
قال الله تعالى: " ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به " أي إنما قدر الله أمر هذا العجل وجعله يخور فتنة واختبارا لكم، " وإن ربكم الرحمن " أي لا هذا " فاتبعوني " أي فيما أقول لكم " وأطيعوا أمري * قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى " يشهد (1) الله لهارون عليه السلام " وكفى بالله شهيدا " أنه نهاهم وزجرهم عن ذلك فلم يطيعوه ولم يتبعوه.
ثم أقبل موسى على السامري " قال فما خطبك يا سامري؟ " أي أي ما حملك على ما صنعت؟ " قال بصرت بما لم يبصروا به أي رأيت جبرائيل وهو راكب فرسا " فقبضت قبضة من أثر الرسول " أي من أثر فرس جبريل. وقد ذكر بعضهم أنه رآه، وكلما وطئت بحوافرها على موضع اخضر وأعشب، فأخذ من أثر حافرها، فلما ألقاه في هذا العجل المصنوع (2) من الذهب كان من أمره ما كان. ولهذا قال:
" فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي " قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس " وهذا دعاء عليه بأن لا يمس أحدا، معاقبة له على مسه ما لم يكن له مسه، هذا معاقبة له في الدنيا، ثم توعده في الأخرى فقال: " وإن لك موعدا لن تخلفه " وقرئ: " لن نخلفه " " وانظر إلى