فقصاها عليه وطلبا منه أن يعبرها لهما وقالا: " إنا نراك من المحسنين " فأخبرهما أنه عليم بتعبيرها خبير بأمرها، " وقال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ". قيل: معناه مهما رأيتما من حلم فإني أعبره لكم قبل وقوعه فيكون كما أقول. وقيل: معناه أنى أخبركما بما يأتيكما من الطعام قبل مجيئه حلوا وحامضا، كما قال عيسى: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ".
وقال لهما: إن هذا من تعليم الله إياي، لانى مؤمن به موحد له، متبع ملة آبائي الكرام: إبراهيم الخليل وإسحاق ويعقوب. " ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ، ذلك من فضل الله علينا " أي بأن هدانا لهذا، " وعلى الناس " أي بأن أمرنا أن ندعوهم إليه ونرشدهم وندلهم عليه.
وهو في فطرهم مركوز، وفى جبلتهم مغروز " ولكن أكثر الناس لا يشكرون ".
ثم دعاهم إلى التوحيد وذم عبادة ما سوى الله عز وجل، وصغر أمر الأوثان وحقرها، وضعف أمرها فقال: " يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار * ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتوها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان، إن الحكم إلا الله " [أي المتصرف في خلقه الفعال لما يريد، الذي يهدى من يشاء ويضل من يشاء (1)] " أمر أن لا تعبدوا إلا إياه " [أي وحده لا شريك له (1)] و " ذلك الدين القيم " أي المستقيم والصراط القويم " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " أي فهم لا يهتدون إليه مع وضوحه وظهوره.