عليهن، فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن، وقلن حاش لله ما هذا بشرا، إن هذا إلا ملك كريم * قالت فذلكن الذي لمتنني فيه، ولقد راودته عن نفسه فاستعصم، ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين * قال رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه، وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين * فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم ".
يذكر تعالى ما كان من قبل نساء المدينة، من نساء الامراء وبنات الكبراء في الطعن على امرأة العزيز وعيبها، والتشنيع عليها في مراودتها فتاها، وحبها الشديد له، وهو لا يساوي هذا; لأنه مولى من الموالى وليس مثله أهلا لهذا. ولهذا قلن: " إنا لنراها في ضلال مبين " أي في وضعها الشئ في غير محله.
" فلما سمعت بمكرهن " أي بتشنيعهن عليها والتنقص لها، والإشارة إليها بالعيب والمذمة بحب مولاها وعشق فتاها، فأظهرن ذما وهى معذورة في نفس الامر، فلهذا أحبت أن تبسط عذرها عندهن، وتبين أن هذا الفتى ليس كما حسبن، ولا من قبيل ما لديهن. فأرسلت إليهن فجمعتهن في منزلها، واعتدت لهن ضيافة مثلهن، وأحضرت في جملة ذلك شيئا مما يقطع بالسكاكين، كالأترج ونحوه، وآتت كل واحدة منهن سكينا، وكانت قد هيأت يوسف عليه السلام، وألبسته أحسن الثياب وهو في غاية طراوة الشباب (1) وأمرته بالخروج عليهن بهذه (2) الحالة، فخرج وهو أحسن من البدر لا محالة.