" فلما رأينه أكبرنه " أي أعظمنه وأجللنه وهبنه، وما ظنن أن يكون مثلا هذا في بني آدم، وبهرهن حسنه حتى اشتغلن عن أنفسهن، وجعلن يحززن في أيديهن بتلك السكاكين ولا يشعرن بالجراح، وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم.
وقد جاء في حديث الاسراء: فمررت بيوسف وإذا هو قد أعطى شطر الحسن ". قال السهيلي وغيره من الأئمة: معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليه السلام، لان الله تعالى خلق آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، فكان في غاية نهايات الحسن البشرى. ولهذا يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم وحسنه. ويوسف كان على النصف من حسن آدم. ولم يكن بينهما أحسن منهما; كما أنه لم تكن أنثى بعد حواء أشبه بها من سارة امرأة الخليل عليه السلام.
قال ابن مسعود: وكان وجه يوسف مثل البرق، وكان إذا أتته امرأة لحاجة غطى وجهه. وقال غيره: كان في الغالب مبرقعا لئلا يراه الناس. ولهذا لما قام عذرن (1) امرأة العزيز في محبتها لهذا المعنى المذكور، وجرى لهن وعليهن ما جرى; من تقطيع أيديهن بجراح السكاكين، وما ركبهن من المهابة والدهش عند رؤيته ومعاينته.
" قالت فذلكن الذي لمتنني فيه " ثم مدحته بالعفة (2) التامة فقالت:
" ولقد راودته عن نفسه فاستعصم " أي امتنع " ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين ".
(1) ط: عذر. (2) ط: بالعصمة. (*)