كما حكى عن ابن عباس وعكرمة والضحاك: " وادكر بعد أمه " أي بعد نسيان. وقرأها مجاهد: " بعد أمه " باسكان الميم " وهو النسيان أيضا. يقال أمه الرجل يأمه أمها وأمها، إذا نسى. قال الشاعر.
أمهت وكنت لا أنسى حديثا * كذاك الدهر يررى بالعقول فقال لقومه وللملك: أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون " أي فأرسلوني إلى يوسف فجاءه فقال: " يوسف أيها الصديق، أفتنا في سبع بقرات سمان، يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر، أخر يابسات. لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون ".
وعند أهل الكتاب: أن الملك لما ذكره له الساقي، استدعاه إلى حضرته، وقص عليه ما رآه ففسره له. وهذا غلط. والصواب ما قصه الله في كتابه القرآن لا ما عربه هؤلاء الجهلة الثيران; من فرى وهذيان (1).
فبذل يوسف عليه السلام ما عنده من العلم بلا تأخر ولا شرط، ولا طلب الخروج سريعا; بل أجابهم إلى ما سألوا، وعبر لهم ما كان من منام الملك، الدال على وقوع سبع سنين من الخصب ويعقبها سبع جدب " ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس " يعنى يأتيهم الغيث والخصب والرفاهية " وفيه يعصرون " يعنى ما كانوا يعصرونه من الأقصاب والأعناب والزيتون والسمسم وغيرها.
فعبر لهم وعلى الخير دلهم، وأرشدهم إلى ما يعتمدونه في حالتي خصبهم وجدبهم، وما يفعلونه من ادخار حبوب سنى الخصب في (2) السبع الأول