كتاب الصلاة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - الصفحة ٥٠
من طريقة الأصحاب ان الواجب في العبادات العلم التفضيلي بها وباحرازها للشرائط بالامتثال بمعنى ان يعلم عين الاشتغال كونها هي العبادة المطلوبة الجامعة للشروط لا ان يأتي بأمور يعلم باشتمالها على الجامع للشروط ولذا لا يجوز الصلاة إلى الجهات المتعددة مع امكان العلم بالقبلة تفصيلا بل ومع امكان الظن وفيما نحن فيه وان لم يكن احراز العلم بالقبلة تفصيلا الا ان العلم بالترتيب يمكن فيه ذلك بان يعلم عند الاشتغال بجهات العصر ان هذا العصر المحتمل لكونها واقعية مترتبة بالفعل على الظهر لا انها مترتبة عليها على تقدير كونها واقعية بحيث يحصل العلم بالترتيب بعد الفراغ كما يحصل العلم بالقبلة لكن الانصاف ان هذا لم يثبت بدليل يطمئن به النفس كما بيناه في مسألة ما لو تمكن من الصلاة في ثوب طاهر يقيني فهل يجوز الاتيان بصلاتين في ثوبين مشتبهين ولو سلم ذلك كما يظهر كونه مفروغا عنه بين الأصحاب فهو مختص بما إذا كان الاقتصار على العلم الاجمالي بالاحراز الشروط مستلزما لتكرار العبادة الذي هو غير معهود في الشريعة مع التمكن من واحد معلوم تفصيلا مع كونه انسب مقام العبودية بان يعلم حين الاشتغال بكون ما اشتغل هو الذي أريد منه واما إذا كان التكرار حاصلا من جهة غير فقد الشرط مما لا يمكن احرازه تفصيلا فلا دليل على لزوم العلم التفصيلي من جهة سائر الشروط لأن المفروض عدم التمكن من العلم التفضيلي بالمهية المطلوبة بحيث يعلم عند الاشتغال انها هي المطلوبة منه كما لا يخفى فان قلت إذا شك في براءة ذمته عن الظهر فالأصل عدم البراءة فكما لا يجوز الدخول في العصر المقطوع ولا المحتمل مع القطع بعدم البراءة فكذلك مع الشك فيها قلت المانع من الدخول في العصر المقطوع والمحتمل عند القطع بعدم البراءة عن الظهر انما هو للقطع باختلاف الترتيب في الأول واحتماله في الثاني وهذه العلة ان وجدت مع الشك منعت الدخول كما لو صلى العصر إلى جهة غير ما صلى الظهر إليها ولو انتفت كما فيما نحن فيه لم يكن مانع من الدخول وقد تقرر في باب الاستصحاب ان الحكم في السابق إذا كان معللا بعلة يقطع بانتفائها في زمان الشك فلا يجرى الاستصحاب لاحتياج الحكم إلى علة أخرى نعم لو كان فرضان مرتبان بحيث لا يحدث التكليف بالثاني الا بعد البراءة من الأول كالظهرين بالنسبة إلى أول الوقت مثلا أمكن اثبات عدم وجوب الثاني مع الشك في البراءة عن الأول فلا يشرع الدخول في محتملاته مع امكان ان يقال هنا لا دليل على لزوم العلم تفصيلا بوجوب شئ في اطاعته بل يكفى في تحقق الإطاعة للامر الذي يعلم المكلف اجمالا بأنه إما تعلق بالفعل أو سيتعلق به العلم بأنه يتحقق في التكليف متصفا بالوجوب جامعا لشرائط الواجب فينوي العصر بعد ظهر واحد من أول الوقت
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست