وقال محمد بن عبدة (1): كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أسأله عن الرؤية وما ترويه العامة والخاصة، وسألته أن يشرح لي ذلك. فكتب بخطه: اتفق الجميع لا تنازع بينهم أن المعرفة من جهة الرؤية ضرورة، فإذا جاز أن يرى الله بالعين وقعت المعرفة ضرورة، ثم لم يخل تلك المعرفة من أن تكون إيمانا أو ليست بإيمان، فإن كانت تلك المعرفة من جهة الرؤية إيمانا فالمعرفة التي في دار الدنيا من جهة الاكتساب ليست بإيمان، لأنها ضدها، فلا يكون في دار الدنيا مؤمن لأنهم لم يروا الله عز وجل، وإن تكن المعرفة التي من جهة الرؤية إيمانا لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب من أن تزول أو لا تزول في المعاد، فهذا دليل على أن الله تعالى لا يرى بالعين، إذ العين تؤدي إلى ما وصفناه (2).
وقال محمد بن سنان: كتب إلي الرضا (عليه السلام): التواضع درجات: منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم، لا يحب أن يأتي إلى أحد إلا مثل ما يؤتى إليه، إن أوتي إليه سيئة درأها بالحسنة، كاظم الغيظ، عاف عن الناس، والله يحب المحسنين (3).
فصل في ذكر وفاة الرضا (عليه السلام) وسببها وموضع قبره ومبلغ سنه كانت وفاته (عليه السلام) بطوس في يوم الجمعة غرة شهر رمضان من سنة اثنتي ومائتين من الهجرة (4).
وقال الطبري: في آخر صفر من سنة ثلاث ومائتين (5). وقد كمل عمره تسعا وأربعين سنة وستة أشهر. وقيل: ستا وأربعين سنة.