الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٦٨٢
ابن أبي طالب (عليه السلام)، فتقدمت لأقبل قدميه فرفسني في وجهي وقال: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * (1) ثم حول وجهه ودخل بابا فانتبهت مذعورا.
فقلت: يا أمير المؤمنين أمرتني أن القي علي بن موسى الرضا (عليه السلام) للسباع.
فقال: ويلك ألقيته؟ قلت: إي والله. قال: امض فانظر الذي فعلت فأخذت الشمع بين يدي إلى أن وصلت إلى الموضع، فطالعت إليه فإذا هو قائم يصلي والسباع حوله يلحسون قدميه، فعدت إليه فأخبرته بذلك فلم يصدقني. وقام وأخذ الفراشين والشمع بين يديه وأطلع فشاهده على تلك الحال فقال: السلام عليك يا بن عم، فلم يلتفت إليه حتى فرغ من صلاته ودعائه ورد عليه، ثم قال:
وعليك السلام، قد كنت أرجو أن لا تسلم علي في هذا الموضع فقال: المعذرة إلى الله تعالى وإليك يا بن العم فإن السكر حملني وأنطقني ذلك فأمرت بما لا يحل ولا يحمل. فقال: قد نجاني الله تعالى وله الحمد والشكر كثيرا من كيد كل كائد. ثم قال:
قم يا بن العم. فقال: نعم، ففتحت الباب وأقبل نحونا، فوالله ما تبعه سبع ولا نظر إليه ولا هاله شئ من ذلك، فخرج فعانقه الرشيد ثم حمله إلى مجلسه ورفعه فوق سريره وقال له: يا بن عم إن أردت المقام معنا فبالرحب والسعة وقد أمرنا لك ولأهلك بمال وثياب وأنا أسأل قبول ذلك، وإن أردت الرجوع إلى بلدك فامض مصاحبا. فقال: أما أنا فلا حاجة لي في المال والثياب، ولكن في قريش ضعفاء ففرق ذلك فيهم، وذكر له أقواما أمر لهم بصلة وكسوة.
وما زال يسأل له أن يركب بغال البريد إلى الموضع الذي يريد فأجابه إلى ذلك وقال لي الرشيد: شيعه وسر معه وودعه. فمضيت معه إلى بعض الطريق ورجعت عنه (2).
وذكر ابن جرير الطبري: إن عيسى بن محمد بن أبي خالد بينا هو في عرض

(١) محمد: ٢٢.
(٢) مهج الدعوات: ص 248 - 249.
(٦٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 677 678 679 680 681 682 683 684 685 686 687 ... » »»