الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٦٩٠
الخالق، ولا من حيث أحدث استفاد معنى المحدث، لا يعينه منذ، ولا يدنيه قد، ولا يحجبه لعل، ولا يؤقته متى، ولا يشتمله حين، ولا يقارنه مع، كلما في الخلق من أثر غير موجود في خالقه، فكلما أمكن فيه ممتنع من صانعه، لا يجري عليه الحركة والسكون، وكيف يجري عليه ما هو أجراه أو يعود فيه ما هو ابتداه، إذن لتفاوتت دلالته، ولامتنع من الأزل معناه، ولا كان للباري معنى غير المبراء، لو حد له وراء لحد له أمام، ولو التمس له التمام للزمه النقصان، كيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث، وكيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الانشاء، لو تعلقت به المعاني أقامت فيه آية المصنوع، ولتحول من كونه دالا إلى كونه مدلولا عليه، ليس في محال القول حجة، ولا في المسألة عنه جواب، لا إله إلا هو العلي العظيم (1).
وقال الريان بن الصلت: سمعت الرضا (عليه السلام) يدعو بكلمات فحفظتها عنه، فما دعوت بها في شدة إلا فرج الله عني، فهي:
اللهم أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شديدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من كرب يضعف عنه الفؤاد وتقل فيه الحيلة وتعيأ فيه الأمور ويخذل فيه القريب والبعيد والصديق ويشمت فيه العدو وأنزلته بك، وشكوته إليك، راغبا إليك فيه عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حاجة، ومنتهى كل رغبة، فلك الحمد كثيرا، ولك المن فاضلا، بنعمتك تتم الصالحات، يا معروفا بالمعروف معروف، ويا من هو بالمعروف موصوف، أنلني من معروفك معروفا تغنيني به عن معروف من سواك، برحمتك يا أرحم الراحمين (2).
وقال (عليه السلام): اتقوا الله أيها الناس في نعم الله عليكم فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكره على نعمه وأياديه، واعلموا أنكم لا تشكرون الله بشئ بعد الإيمان بالله ورسوله بعد الاعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمد

(١) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج ١ ص ١٥٠ - ١٥٣ ب ١١ ح ٥١.
(٢) بحار الأنوار: ج ٩٤ ص ٢٨٢ - 283 ب 44 ذيل ح 2.
(٦٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 685 686 687 688 689 690 691 692 693 694 695 ... » »»