الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٦٩٤
وذكر المفيد في الإرشاد: خمسا وخمسين سنة (1).
وكان سبب وفاته ما حدث به هرثمة، قال: كنت بين يدي المأمون إلى أن مضى من الليل أربع ساعات ثم انصرفت إلى منزلي، فلما مضى من الليل ساعات قرع قارع بابي، فكلمه بعض غلماني، فقال له: قل لهرثمة أجب سيدك، فقمت مسرعا وأخذت علي أثوابي وأسرعت إلى سيدي، ودخل الغلام بين يدي ودخلت وراءه وإذا سيدي في صحن داره جالس، فقال لي: يا هرثمة. قلت: لبيك يا مولاي. فقال لي: اجلس، فجلست. فقال لي: اسمع وع يا هرثمة، هذا أوان رحيلي إلى الله عز وجل ولحوقي بآبائي وجدي (عليهم السلام)، وقد بلغ الكتاب أجله، وقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفروك، فأما العنب فإنه يغمس السلك في السم ويجريه بالخيط في العنب ليخفى، وأما الرمان فإنه يطرح السم في كف بعض غلمانه ويفرك الرمان بيده ليلطخ حبه في ذلك السم. وإنه سيعودني في يومنا هذا المقبل ويقرب إلي الرمان والعنب ويسألني أن آكله، فآكله فينفذ الحكم ويحضر القضاء، فإذا أنا مت فسيقول: أنا اغسله بيدي، فإذا قال ذلك فقل له عني بينك وبينه: إنه قال لي: قل له لا يتعرض لغسلي ولا لكفني ولا لدفني فإنه إن فعل ذلك عاجله من العذاب ما أعجزه عنه وحل به أليم العقاب فإنه سينتهي. فقلت: نعم يا سيدي. قال لي: فإذا خلى بينك وبين غسلي، فيجلس في علو من أبنيته هذه مشرفا على موضع غسلي لينظر إلي، فلا تعرض لشئ من غسلي حتى ترى فسطاطا قد ضرب في جانب الدار أبيض، فإذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها فضعني من وراء الفسطاط وقف من ورائه ويكون من معك دونك ولا تكشف الفسطاط وتراني فتهلك، فإنه سيشرف عليك ويقول لك: يا هرثمة أليس زعمتم أن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى ومحمد بالمدينة ونحن بطوس؟! فإذا قال لك ذلك فأجبه وقل له: ما يغسله غير من ذكرته، فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مندرجا في أكفاني محنطا، فضعني

(1) الإرشاد: ص 304.
(٦٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 689 690 691 692 693 694 695 696 697 698 699 ... » »»