رحم الله أمرء سمع فوعى، ودعي إلى رشاد فدنا، وأخذ بحجزة هاد فنجا، قدم صالحا واكتسب مذخورا، آثر هداه وكذب مناه، وجعل الصبر مطية نجاته، والتقوى عدة وفاته، لزم الطريقة الغراء والمحجة البيضاء واغتنم المهل، وبادر الأجل، وتزود من العمل (1).
قال أبو العباس أحمد بن الخضر بإسناده يرفعه إلى محمد بن واسع، قال:
حدثني أويس القرني، قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول يوما لابنه الحسن بن علي (عليهم السلام): يا بني من قال إني مؤمن فليخضع لله عز وجل في دينه، وليسع لنفسه في حياته، وليخشع في صلاته ولا يجزع من زكاته.
يا بني لا إيمان أطيب من الأمانة، ولا طغيان أخبث من الخيانة، ولا زهادة أفضل من التدبير، ولا عبادة أفضل من التفكر، ولا مهابة أعز من العلم، ولا أمارة أرفق من الحلم، ولا كياسة أوفق من السماحة، ولا بشاشة أبقى من النصيحة، ولا أخ أعون من الحمد والشكر، ولا مروءة أكرم من الفصاحة واللب، ولا رزانة أنجب من الألفة والحب، ولا شين أشين من السفاهة والعجب، ولا صديق أزين من العقل، ولا قرين أشين من الجهل، ولا شرف أعز من التقوى، ولا كرم أجود من ترك الهوى، ولا عمل أفضل من التفكر، ولا حسنة أعلى من الصبر، ولا سيئة أسوء من الكبر، ولا دواء ألين من الرفق، ولا داء أوجع من الحزن، ولا رسول أعدل من الحق، ولا دليل أفصح من الصدق، ولا غنى أشفى من القنوع، ولا فقر أذل من الطمع، ولا عبادة أحسن من الورع، ولا زهادة أنبل من الخشوع، ولا حياة أطيب من الصحة، ولا حشمة أهنأ من العفة، ولا حارس أحفظ من الصمت، ولا آت أقرب من الموت.
واعلم يا بني إن هلاك المرء في ثلاثة: في الكبر والحرص والحسد. أما الكبر فهلاك الدين، وبه لعن اللعين وصار من أهل النار. وأما الحرص فهو عدو النفس، وبالحرص اخرج آدم من الجنة. وأما الحسد فهو دليل الشر، وبه قتل قابيل هابيل حتى صار شقيا.