الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣٥٧
وعندي فرسه فأعاد علي (عليه السلام) عليه القول، فلم يزده على قوله الأول، فتناول علي (عليه السلام) سيف الزبير ونظر فيه ثم قال: طالما جلى الكرب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بشر قاتل ابن صفية بالنار.
فخرج ابن جرموز مغضبا فأتى طلحة فقاتل عليا وأصحابه ليخرج من قتلة الزبير.
فلما قتل الجمل أمر عليا (عليه السلام) مناديا فنادى: ألا تجهزوا على جريح، ولا تقتلوا أسيرا، ولا تتبعوا مدبرا، ولا تفتحوا بابا، ولا تهتكوا سترا، ولكم ما في عسكر إلا أم ولد وغير خارج من العسكر، وعلى نسائهم العدة أربعة أشهر وعشرا، وما كان لهم من مال فهو بينهم ميراث على كتاب الله، وهذه السنة في أهل القبلة.
واتي بمروان بن الحكم أسيرا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأرسل مروان إلى الحسن والحسين يسألهما أن يكلما عليا (عليه السلام) فيه، فكلماه فأطلقه، فقال مروان:
أبايعك يا أمير المؤمنين. فقال له: ألم تبايعني بعد قتل عثمان؟ قال: بلى.
وحدث أبو الأسود الدؤلي أنه دخل مع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى بيت المال بالبصرة فجعل ينظر إلى ما فيه من المال والذهب والفضة كالذي يريد أن يحرزه، وقال: اقسموه بين أصحابي لكل رجل خمسمائة درهم، فقسمت كذلك، فوالذي لا إله إلا هو ما بقيت درهما ولا زادت درهما، فكأنها كانت عنده، فكان المال ستة آلاف ألف درهم والناس اثنا عشر ألف رجل، وأخذ علي لنفسه خمسمائة، فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أعطني من الفئ، فأعطاه الخمسمائة (1).
ولما أراد أمير المؤمنين (عليه السلام) المسير عن البصرة استخلف عليها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وجعل زياد بن عبيد - المعروف بزياد بن أبيه وهو الذي ادعى معاوية أنه أخوه لأبيه - كاتب عبد الله بن عباس، وجعل أبا الأسود الدؤلي على الشرطة.

(1) الجمل: ص 214 - 215 باسناد آخر.
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»