الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣٤٦
مذموما مدحورا، فإن فعلت وإلا فقد أمرتهما أن ينابذاك على سواء، إن الله لا يهدي كيد الخائنين، فإن ظفرا بك قطعاك إربا إربا.
فلما وصلا إلى الكوفة خلى بينهما وبين الناس، فخرجت العساكر ولحقت بأمير المؤمنين (عليه السلام) (1).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لما نزلنا بذي قار مع أمير المؤمنين (عليه السلام) قلت له: يا أمير المؤمنين ما أقل من يأتيك من أهل الكوفة فما أظن.
فقال: والذي بعث محمدا بالحق لتأتيني منهم ستة آلاف وخمسمائة وستون رجلا لا يزيدون ولا ينقصون رجلا.
قال: فدخلني من ذلك شك شديد وعظم علي. فقلت في نفسي: والله لئن قدموا لأعدنهم. فلما وردوا قعدت على الجسر لاعتبار ما قاله علي (عليه السلام)، فوجدتهم كما قال ستة آلاف وخمسمائة وستين رجلا لا يزيدون ولا ينقصون، فعجبت من ذلك وذكرته لعلي (عليه السلام)، وسألته من أين علم ذلك؟ فذكر أن النبي (صلى الله عليه وآله) أخبره بذلك (2).
وأكثر علي (عليه السلام) مراسلة طلحة والزبير وعائشة مرارا كثيرة ويدعوهم إلى التوبة ويأمرهم بالرجوع إلى الطاعة. وتكلم الزبير بكلام يدل على أنه ينصرف عن القتال، فأنكره عليه ابنه عبد الله، وقال له كلاما معناه: قد جبنت لما رأيت رايات علي وهبت سيوف بني عبد المطلب. فحمل الزبير فرسه على العسكر مرارا ليعلم الناس أنه ليس بجبان ثم انصرف، فقتله عمر بن جرموز بوادي السباع، وإنما انصرف لأن عليا (عليه السلام) ذكره بأن النبي (صلى الله عليه وآله) قال له: إنك تقاتله وأنت ظالم، فاعترف الزبير بذلك وذكر أنه نسي.
ولما تصاف الناس للقتال يوم الجمل قام الحسين بن علي (عليهما السلام) إلى أبيه فقال: يا أمير المؤمنين أتأمرني أن أسل سيفي وأفوق سهمي وأطعن برمحي في أعراض القوم.

(1) مصنفات الشيخ المفيد: ج 1 ص 243.
(2) الجمل: 157.
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»