الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣٤٨
على يده اليمنى فقطعها، فأخذ المصحف بيده اليسرى فقطعت، فاحتضن المصحف إلى صدره وناداهم. فضرب بالسيف على هامته حتى قتل (1).
ثم إن عليا (عليه السلام) لما رأى القوم قد حادوه القتال وصمدوا للحرب بعث إلى محمد بن الحنفية وكانت الراية بيده أن أقدم يا بن خولة واقتحم على القوم. قال:
نعم. فأرسل إليه ثانية أن أقحم يا بن خولة قال: نعم، وكان بإزاء محمد قوم من الرماة فرموه وحادوه، فتأخر محمد وقال لأصحابه: إن القوم قد رموكم فجرحوكم وأنهم يبددون نبلهم في رشق آخر ثم احملوا عليهم. فبعث علي (عليه السلام) إليه ثالثة فقال له: يا بن خولة أقحم لا أم لك. قال: نعم. فلما أبطأ عليه تحول من بغلته إلى فرسه وسل سيفه وركض نحوه فأتاه من خلفه فوضع يده اليسرى على منكبه اليمنى ثم رفعه حتى أشاله من سرجه وقال: لا أم لك.
قال محمد: والذي لا إله إلا هو ما ذكرت ذلك منه قط إلا كأني أجد ريح نفسه فيأخذ الراية من يديه، ثم حمل على القوم وذلك عند زوال الشمس من يوم الأحد، فأنشأ وهو يطعنهم ويقول:
اطعن بها طعن أبيك تحمد * لا خير في الحرب إذا لم توقد بالمشرفي والقنا المبدد * والضرب بالخطى والمهند (2).
ثم حمل عليهم حتى توسطهم وغاص فيهم، فاقتتل الناس قتالا شديدا، ثم خرج من ناحية القوم وقد انحنى سيفه، فأقامه بركبته، واجتمع حوله أصحابه فقالوا: نحن نكفيك يا أمير المؤمنين، فما يجيب أحدا منا، فإنه لطافح ببصره نحوهم ثم حمل الثانية حتى توسطهم وغاب فيهم، فسمعنا له تكبيرة بعد حين وله همهمة كزئير الأسد ثم تكشف الناس عنه وانقشعوا حوله، فوصلنا إليه وأنه لواقف قد أزبد كالجمل الهائج والأسد الحامي وقد وقعت الرؤوس والسواعد والجيف

(١) الجمل: ص ١٨١، تاريخ الطبري: ج ٣ ص ٥٢٠ مع اختلاف.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب: ج 3 ص 155.
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»