وسألني أن أقره وذكر أن الناس راضون به فأقررته.
وقال المحل بن خليفة: والله إني لجالس مع علي (عليه السلام) إذ أقبل سواد كثير وغبار ساطع، فقال علي (عليه السلام): انظروا ما هذا السواد؟ فذهبت الخيل تركض ثم لم تلبث أن جاءت فقالت: هذه طي قد جاءتك تسوق الغنم وفيهم من جاءك بهداياه وكرامته وفيهم من يريد أن ينفذ معك إلى عدوك.
فقال علي (عليه السلام): جزى الله طيا خيرا، وقد فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما، فلما انتهوا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) سلموا عليه، فسرني والله ما رأيت من جماعتهم وحسن هيئتهم، ثم تكلموا بأحسن كلام وأفصحه وأبلغه، والله ما رأيت خطباء قط أبلغ في قول منهم، ثم أنشأ رجل منهم يقول:
ونحن نصرنا الدين من قبل هذه * وأما بحق ما حيينا سننصر سنصفيك دون الناس طرا بنصرنا * وأنت به من سائر الناس أجدر فقال لهم علي (عليه السلام): جزاكم الله من حي عن الاسلام خير الجزاء، فقد والله أسلمتم طائعين، وقاتلتم المرتدين، ووفيتم بصدقاتكم المسلمين.
قال: ثم إن رجلا من همدان يقال له عبد خير أتى أبا موسى فقال له: يا أبا موسى هل بايع الناس عليا؟
قال: نعم.
قال: فهل هذان الرجلان ممن بايعه؟
قال: نعم.
قال: وهل كان من علي (عليه السلام) حدث يحل به نقض بيعته؟
قال: لا.
قال: فأي القوم أحق أن نقاتل، أهما [إلى] أن يرجعا إلى ما خرجا منه أم علي حتى نرد بيعته؟
قال: لا أدري.
قال له: فإنا تاركوك ومفعول ما لا تدري.