الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣٤١
فلما قدم هاشم بالكتاب على أبي موسى دعا أبو موسى السائب بن مالك الأشعري فقال له: ما ترى؟ وأقرأه الكتاب إليه.
فقال له السائب: اتبع ما كتب به إليك أمير المؤمنين. فأبى وعصى، وبعث إلى هاشم يخوفه ويتوعده.
قال السائب: فأتيت هاشما فأخبرته برأي أبي موسى، فكتب هاشم إلى علي (عليه السلام) كتابا هذه نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم، إلى عبد الله علي أمير المؤمنين من هاشم بن عتبة، سلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، أما بعد فإني قدمت يا أمير المؤمنين بكتابك على امرء شاق عاق بعيد الرحم ظاهر الغل والشنآن (1)، يهددني بالسجن مرة وبالقتل مرة، وقد بعثت بكتابي إليك مع المحل بن خليفة الطائي، وهو من شيعتك وأنصارك وعنده علم نبأ ما قلت (2)، فاسأله عما بدا لك واكتب إلي برأيك والسلام (3).
فلما قدم المحل بكتاب هاشم إلى علي (عليه السلام) سلم عليه ثم قال: الحمد لله الذي أدى الحق إلى أهله، ووضعه موضعه، وإن كان ذلك قد كرهه قوم يسير، فقد والله كرهوا نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) ثم نابذوه وبارزوه وجاهدوه، فرد الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السوء عليهم، والله يا أمير المؤمنين لنجاهدنهم معك في كل موطن حفظا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل بيته إذ صاروا أعدى الخلق لآل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعده.
فرحب به علي (عليه السلام) وقال له خيرا، وقرأ كتاب هاشم، ثم سأله عن الناس وعن أبي موسى، فقال له المحل: والله ما أثق به ولا آمنه على خلافك إن وجد من يساعده على ذلك.
فقال علي (عليه السلام): والله ما كان عندي بمؤتمن ولا ناصح، ولقد كان أصحابي الذين كانوا قبلي استولوا على مودته وتأميره، وأني أردت عزله فأتاني الأشتر

(1) في الجمل: الشقاق.
(2) في الجمل: وعنده علم ما قبلنا.
(3) مصنفات الشيخ المفيد ج 1 ص 243.
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»