قال أبو الدرداء: فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحركته فلم يتحرك، وزويته فلم ينزو، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون مات والله علي بن أبي طالب.
قال: فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم، فقالت فاطمة (عليها السلام): يا أبا الدرداء هي والله الغشية التي تأخذه من خشية الله.
ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه، فأفاق ونظر إلي وأنا أبكي، فقال: مم بكاؤك؟
فقلت: مما أراه تنزله بنفسك؟
فقال: يا أبا الدرداء فكيف لو رأيتني وقد دعي بي إلى الحساب، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واستوحشتني ملائكة غلاظ وزبانية أفظاظ، فوقفت بين يدي الملك الجبار، قد أسلمني الأحباء ورحمني أهل الدنيا، لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا يخفى عليه خافية.
فقال أبو الدرداء: فوالله ما رأيت ذلك لأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1).
حدث أبو علي الحداد، قال: حدثنا أبو سعيد بن حسنويه كتابة، قال: حدثنا أبو بكر بن الجعابي، قال: حدثني محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي أملاه علي بالكوفة، قال: حدثنا أحمد بن السري الطحان، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن خالد، قال: حدثني أحمد بن أخي زرقان، عن عبد الملك بن عميرة، عن ربعي بن حراش، قال: استأذن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) على معاوية وقد تعلق عنده بطون قريش، وسعيد بن العاص جالس عن يمينه، فلما نظر معاوية إلى ابن عباس مقبلا التفت إلى سعيد وقال له: لألقين على ابن عباس مسألة يعني بجوابها. فقال له سعيد: ليس ابن عباس ممن يعني بجواب مسائلك.
فلما جلس ابن عباس قال له معاوية: يا ابن عباس ما تقول في علي بن أبي طالب؟
قال: يرحم الله أبا الحسن، كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجى، وطود الندى، ونور السفر في ظلمة الدجى، وداعيا إلى المحجة العظمى، وعالما