الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٤١
قال القاسم، عن أبي سعيد، قال: أتت فاطمة (عليها السلام) النبي (صلى الله عليه وآله) فذكرت عنده ضعف الحال. فقال لها: ما تدرين ما منزلة علي عندي؟! كفاني وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وضرب بين يدي بالسيف وهو ابن ست عشرة سنة، وقتل الأبطال وهو ابن سبع عشرة سنة، وفرج الهموم عني وهو ابن عشرين سنة، ورفع باب خيبر وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، وكان لا يرفعه خمسون رجلا.
قال: فأشرق لون فاطمة (عليها السلام) ولم تقر قدماها حتى أتت عليا (عليه السلام) فأخبرته.
فقال لها: كيف لو حدثك بفضل الله كله علي (1).
حدث محمد بن جرير الطبري، قال: حدثنا أحمد بن رشيد، قال: حدثنا أبي، عن معمر، عن سعيد بن خيثم، قال: حدثني سعيد، عن الحسن البصري أنه بلغه أن زاعما يزعم أنه ينتقص عليا (عليه السلام)، فقام في أصحابه يوما فقال: لقد هممت أن أغلق بابي ثم لا أخرج من بيتي حتى يأتيني أجلي، بلغني أن زاعما منكم يزعم أنني انتقص خير الناس بعد نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) وأنيسه وجليسه والمفرج الكرب عند الزلازل، والقاتل الأقران يوم النزال، لقد فارقكم رجل قرأ القرآن فوقره، وأخذ العلم فوفره، وحاز ربه (2)، ونصح لنبيه وابن عمه وأخيه، آخاه دون أصحابه، وجعل عنده سره، وجاهد عنه صغيرا، وقاتل معه كبيرا، يقتل الأقران، وينازل الفرسان دون دين الله حتى وضعت الحرب أوزارها، متمسكا بعهد نبيه، مضى (صلى الله عليه وآله) وهو عنه راض، أعلم المسلمين علما وأفهمهم فهما، وأقدمهم في الاسلام، لا نظير له في مناقبه، ولا شبيه له في ضرائبه، فطلق نفسه عن الشهوات، وعمل لله في الغفلات، وأسبغ الطهور في السبرات، وخشع لله في الصلوات، وقطع نفسه عن اللذات، مشمرا عن ساق، طيب الأخلاق، كريم الأعراق، واتبع سنن نبيه، واقتفى آثار وليه، فكيف أقول فيه ما يوبقني، وما أحد أعلمه يجد فيه مقالا، فكفوا عنا الأذى، وتجنبوا طرق الردى.
حدث محمد بن زياد، عن مغيرة، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه

(1) دلائل الإمامة: ص 4.
(2) كذا في الأصل، ولعل الصحيح: وخاف ربه.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»