الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٤٨
ويتصل حبلهم، وينتصف الضعيف من القوي، والفقير من الغني، ويرتدع الجاهل، ويتيقظ العاقل، فإذا عدم بطل الشرع وأحكام الدين كالحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجميع أركان الاسلام، إلا أن يكون الإمام خائفا على نفسه فقد ظهر عذره.
والعقل يوجب أن يكون الإمام أفضل الأمة، لأن عب ء الإمامة ثقيل، وخطبها جليل، وأمرها عظيم، وخطرها جسيم، يجب أن يجتمع فيه خصال الخير المفرقة في غيره، مثل العلم بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله)، والفقه في دين الله، والجهاد في سبيل الله، والرغبة فيما عند الله، والزهد فيما بيد خلق الله.
وليس يوصل إلى معرفة هذه الخلال المحمودة والخصال المعدودة إلا بوحي الله تعالى إلى رسوله (صلى الله عليه وآله)، فإذا ظهر الوحي وجب على الرسول أن ينص على من يخلفه بعد وفاته.
ويقتضي العقل أن يكون هذا النص منه (صلى الله عليه وآله) على معصوم، لأن الله عز وجل عصم رسوله من الزيغ والزلل والخطأ في القول والعمل، ونزهه عن أن يحكم بالهوى ويميل إلى الدنيا.
والنص على ضربين: قول وفعل. فالقول قول الرسول (صلى الله عليه وآله): " هذا علي وزيري، وخليفتي على أمتي، وقاضي ديني، والمبلغ عني " (1) وأشباه ذلك.
وأما الفعل فكفعله (صلى الله عليه وآله) به (عليه السلام) أنه ولاه على سراياه وجيوشه ولم يول عليه أحدا، بل ولاه على جميع أصحاب جيوشه وسيرهم تحت رايته، ولم يكن كمن سار تحت راية عمرو بن العاص وأسامة بن زيد بن ثابت وغيرهم، وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه كان أميرا في جيوشه غير مؤمر عليه.
واختلف الناس في الإمامة بعد مضي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكانوا فرقتين: فرقة علوية، وفرقة بكرية.

(١) قريب منه ما في بحار الأنوار: ج ٢٣ ص ١٥٣ ح 118.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»