الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٣٦
فصل في صفة أمير المؤمنين (عليه السلام) ووصف أخلاقه الرضية قال حكيم بن جبير، قال: قيل لحبة بن جوين العرني (رضي الله عنه): ألا تصف لنا أخلاق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟
قال لهم: نعم، كان والله بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شئ صدرا، وأذل شئ نفسا، لا حقود ولا حسود، ولا وثاب ولا سباب، ولا عياب ولا مغتاب، يكره الوقيعة، طويل الغم، بعيد الهم، وقورا، ذكورا صبورا، شكورا، مغمورا، مسرورا بفقره، سهل الخليقة، لين العريكة، رصين الوقار (1)، قليل الأذى، لا متأفك ولا متهتك، إن ضحك لم يخرق، وإن غضب لم ينزق، كان ضحكه تبسما، واستفهامه تعلما، ومراجعته تفهما، كثيرا علمه، عظيما حلمه، كثيرة رحمته، لا يبخل، ولا يضجر، ولا يسخر، ولا يحيف في حكمه، ولا يحول في علمه، نفسه أصلب من الصلد، ومكادحته أحلى من الشهد، لا جشع ولا هلع، ولا عنف ولا صلف، ولا متعمق ولا متكلف، وصولا في غير عنف، وبذولا في غير سرف، جميل المنازعة، كريم المراجعة، عدلا إن غضب، رفيقا إن طلب، خليص الود، وثيق العهد، وفي الوعد، شفيقا، وصولا، حليما، حمولا، قليل الفضول، راضيا عن الله عز وجل، مخالفا لهواه، لا يغلظ على من يؤدبه، ولا يخوض فيما لا يعنيه، كثير الفضل، صدوق اللسان، عفيف الطعمة، خفيف المؤونة، قليلا شره، كثيرا خيره، إن سئل أعطى، وإن ظلم عفا، إن قطع وصل، مستهترا بعلمه، مستأنسا بربه، يأنس إلى $ أمير المؤمنين (عليه السلام) / أوصافه وأخلاقه البلاء كما يستوحش منه أهل الدنيا، أمارا بالحق، لهجا بالصدق، مسارعا في أمر الله، قد عرف قدر نفسه فثنى كبرها، ومقت فخرها، وألزمها كل ذلة، وبذلها لكل مهينة، ناصر الله عز وجل، محاميا عن المؤمنين، كهفا للمسلمين، لا يخرق النبأ (2) سمعه، ولا ينكأ الطمع قلبه، ولا يصرف الغيب حكمه، قوالا، عمالا، عالما، حازما،

(1) كذا، والصواب: الوفاء.
(2) في الكافي: الثناء.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»