الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٦١
القوم فأفرجوا فإذا أنا برسول الله (صلى الله عليه وآله) قد وقع على الأرض مغشيا عليه، فوقفت على رأسه، فنظر إلي وقال: ما صنع الناس يا علي؟
فقلت: كفروا يا رسول الله وولوا الدبر من العدو وأسلموك.
فنظر النبي (عليه السلام) إلى كتيبة أقبلت إليه، فقال لي: رد عني يا علي هذه الكتيبة.
فحملت عليها بسيفي أضربها يمينا وشمالا حتى ولوا الأدبار.
فقال لي النبي (عليه السلام): ما تسمع يا علي مدحتك في السماء! إن ملكا يقال له رضوان ينادي: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. فبكيت سرورا وحمدت الله على نعمته (1).
وروى الحسن بن محبوب، قال: حدثنا جميل بن صالح، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام) قال: كان أصحاب اللواء يوم أحد سبعة (2) قتلهم علي (عليه السلام) عن آخرهم وانهزم القوم، فلم يعد بعدها أحد منهم، وتراجع المنهزمون من المسلمين إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وانصرف المشركون إلى مكة، وانصرف النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة فاستقبلته فاطمة (عليها السلام) معها إناء فيه ماء، فغسل به وجهه، ولحقه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد خضب الدم يده إلى كتفه ومعه ذو الفقار، فناوله فاطمة (عليها السلام)، وقال لها: خذي هذا السيف فقد صدقني اليوم وأنشأ يقول:
أفاطم هاك السيف غير ذميم * فلست برعديد (3) ولا بمليم (4) لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد * وطاعة رب بالعباد رحيم (5) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خذيه يا فاطمة فقد أدى بعلك ما عليه، وقد قتل الله بسيفه صناديد قريش.
وروي: أنه لما انتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى فم الشعب خرج علي (عليه السلام) حتى ملأ

(١) الإرشاد للمفيد: ص ٤٦ - ٤٧.
(٢) في الإرشاد: تسعة.
(٣) الرعديد: الجبان (لسان العرب ٣ / ١٧٩).
(٤) المليم بمعنى الملوم (لسان العرب ١٢ / 558).
(5) في الإرشاد: " عليم " بدل " رحيم ".
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»