الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٥٨
فقالوا له: أنه أمرك وهو لا يدري أن الأمر يبلغ إلى حيث ترى. ومالوا إلى الغنائم وتركوه، ولم يبرح هو من موضعه، فحمل عليه خالد بن الوليد فقتله.
وجاء من ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريده، فنظر إلى النبي (عليه السلام) في حف من أصحابه فقال لمن معه: دونكم هذا الذي تطلبون. فحملوا عليه حملة رجل واحد ضربا بالسيف وطعنا بالرمح ورميا بالنبل ورضخا بالحجارة.
وجعل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقاتلون عنه حتى قتل منهم سبعون رجلا، وثبت منهم أمير المؤمنين وأبو دجانة وسهل بن حنيف للقوم يدفعون عن النبي (صلى الله عليه وآله)، فكثر عليهم المشركون ففتح رسول الله (عليه السلام) عينه وكان قد أغمي عليه مما ناله، فنظر إلى علي فقال: يا علي ما فعل الناس؟
قال: نقضوا العهد وولوا الدبر.
فقال له: اكفني هؤلاء الذين قصدوا قصدي. فحمل عليهم فكشفهم، ثم عاد اليه وقد حملوا عليه من ناحية أخرى فكر عليهم فكشفهم. وأبو دجانة وسهل بن حنيف قائمان على رأسه بيد كل واحد منهما سيفه ليذب عنه.
وثاب إليه من أصحابه المنهزمين أربعة عشر رجلا، منهم: طلحة بن عبيد الله، وعاصم بن ثابت. وصعد الباقون الجبل، وصاح صائح بالمدينة: قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأخذ المنهزمون يمينا وشمالا.
وكانت هند بنت عتبة جعلت لوحشي جعلا على أن يقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أو حمزة (رضي الله عنه). فقال لها: أما محمد فلا حيلة لنا فيه لأن أصحابه يطيفون به، وأما علي فإنه إذا قاتل كان أحذر من الذئب، وأما حمزة فإنني أطمع فيه لأنه إذا غضب لم يبصر بين يديه. وكان حمزة قد أعلم يومئذ بريشة النعام في صدره (1).
فكمن له وحشي في أصل شجرة، فرآه حمزة فبدر إليه بالسيف فضربه ضربة

(1) الإرشاد للمفيد: ص 44 - 45.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»