الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٥٠
في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، فأخبر أبو سفيان بخروج النبي (صلى الله عليه وآله) فأخذ بالعير على الساحل واستصرخوا أهل مكة على لسان أبي ضمضم بن عمرو الغفاري.
وقيل: وكانت عاتكة بنت عبد المطلب قد رأت قبل قدوم أبي ضمضم بثلاثة أيام رؤيا أفزعتها، فبعثت إلى أخيها العباس فقالت له: والله يا أخي لقد رأيت الليلة رؤيا أفزعتني وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر فاكتم علي أحدثك.
فقال: وما رأيت؟
قالت: راكبا أقبل على بعير له فوقف بالأبطح ثم صرخ بأعلى صوته أن انفروا يا آل غدر لمصارعكم، ثم نادى على ظهر الكعبة، ثم نادى على أبي قبيس، ثم أرسل صخرة فأرفضت فما بقي في مكة بيت إلا دخل منها فلذة (1).
ثم خرج العباس وقد ارتاع فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة وكان له صديقا فذكرها له واستكتمه إياها، فذكرها الوليد لأبيه عتبة، فنما الحديث حتى تحدثت به قريش.
قال العباس: فغدوت أطوف بالبيت وأبو جهل بن هشام ورهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآني أبو جهل قال: يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا. فلما حضرتهم قال أبو جهل: يا بني عبد مناف متى حدثت فيكم هذه النبية؟
قلت: وما ذاك؟
قال: الرؤيا التي رأت عاتكة. وقال: يا بني عبد المطلب ما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم، قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال انفروا إلى مصارعكم ثلاثا فسنتربص بكم هذه الثلاث، فإن كان ما قالت حقا فسيكون، وإن كان باطلا كتبنا عليكم كتابا أنكم أكذب بيتا في العرب.
قال العباس: فوالله ما كان مني إليه كثير غير أني جحدت وأنكرت أن تكون رأت شيئا. ثم تفرقنا.

(١) الفلذة: القطعة (لسان العرب ٣ / 502).
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»