البيوت. فأبوا إلا الخروج، فلما صار على الطريق قالوا: نرجع. فقال (عليه السلام): ما كان لنبي إذا قصد قوما أن يرجع عنهم. وكانوا ألف رجل، ويقال سبعمائة.
فانعزل عنهم عبد الله بن أبي السلول بثلث الناس، فهمت بنو حارثة وبنو سلمة بالرجوع، وهو قوله تعالى: * (إذ همت طائفتان منكم) * (1) قال الجبائي: هما به ولم تفعلاه.
فنزلوا دون بني حارثة، فأصبح وتجاوز يسيرا، وجعل (عليه السلام) على راية المهاجرين عليا، وعلى راية الأنصار سعد بن عبادة، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
اخرجوا إليهم على اسم الله. فخرجنا فصففنا لهم صفا طويلا. وأقام على الشعب خمسين رجلا من الأنصار وأمر عليهم رجلا منهم وقال: لا تبرحوا مكانكم هذا وإن قتلنا عن آخرنا فإنما نؤتى من موضعكم.
فأقام أبو سفيان بإزائهم خالد بن الوليد، وكان لواء المشركين مع طلحة بن أبي طلحة، وكان يدعى كبش الكتيبة.
ودفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) لواء المهاجرين إلى علي (عليه السلام).
وتقدم طلحة وتقدم علي، فقال له علي: من أنت؟ قال: أنا طلحة بن أبي طلحة كبش الكتيبة، فمن أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب. ثم تقاربا فاختلف بينهما ضربتان، فضربه علي (عليه السلام) على مقدم رأسه فندرت عيناه وصاح صيحة لم يسمع مثلها وسقط اللواء من يده، فأخذه أخ له يقال له مصعب، فرآه عاصم بن ثابت فقتله. ثم أخذ اللواء أخ له يقال له عثمان، فرماه عاصم أيضا بسهم فقتله. فأخذه عبد لهم يقال له صواب وكان من أشد الناس، فضربه علي (عليه السلام) فسقط صريعا وانهزم القوم، وأكب المسلمون على الغنائم.
فلما رأى أصحاب الشعب ذلك قالوا لرئيسهم عمرو بن حرب: نريد أن نغنم كما غنم الناس.
فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني أن لا أفارق موضعي هذا.