إيقاظ وفائدة: نقل عن بعض الشيعة أنه قال: إن فاطمة (عليها السلام) كان عمرها يوم وفاتها ثماني عشرة سنة، وهذا وهم منه، فإن النقل الصحيح الذي لا خلل فيه أنها ولدت وقريش تبني الكعبة، وهكذا نقله أرباب السير والتاريخ، وفي هذا حجة بالغة على أن عمرها كان ثمان وعشرين سنة، فإن رسول الله (ص) كان عمره لما بنت قريش الكعبة خمسا وثلاثين سنة، قبل النبوة بخمس سنين وكانت قريش في بنيان الكعبة قد اقتسموها أرباعا كل ربع منها لطائفة من قريش، فلما بلغوا من البناء حد الركن، اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود مكانه من الركن، فكل طائفة طلبت ذلك، فلما امتد اختلافهم اتفقوا على أن أول داخل عليهم من باب الحرم يحكموه، فدخل النبي (ص) فقالوا: هذا محمد - وكانوا يسمونه الأمين - رضينا به، فلما حكموه قال: (هلموا ثوبا) فأحضروا ثوبا فبسطه ووضع الحجر فيه، ثم قال: (لتأخذ كل طائفة بربع الثوب) فرفعوه جميعا، فاشتركت الطوائف من قريش كلها في رفعه، فلما وصلوا إلى موضعه من الركن، تناوله النبي (ص) بيده ووضعه مكانه ثم قال: (تمموا البناء) (1) هذه صورة بناء قريش الكعبة وتحكيم النبي (ص) في ذلك وعمره خمس وثلاثون سنة، فإذا كانت فاطمة (عليها السلام) قد ولدت له في ذلك العام ومات (ص) وعمره ثلاث وستون سنة، وماتت بعده بشهيرات فيكون عمرها ثمان وعشرين سنة، فظهر لك أن الذي ذكروه وهم وأن الصحيح هو هذا الذي عليه الجمهور (2).
(٥٢)