مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٥٢
إيقاظ وفائدة: نقل عن بعض الشيعة أنه قال: إن فاطمة (عليها السلام) كان عمرها يوم وفاتها ثماني عشرة سنة، وهذا وهم منه، فإن النقل الصحيح الذي لا خلل فيه أنها ولدت وقريش تبني الكعبة، وهكذا نقله أرباب السير والتاريخ، وفي هذا حجة بالغة على أن عمرها كان ثمان وعشرين سنة، فإن رسول الله (ص) كان عمره لما بنت قريش الكعبة خمسا وثلاثين سنة، قبل النبوة بخمس سنين وكانت قريش في بنيان الكعبة قد اقتسموها أرباعا كل ربع منها لطائفة من قريش، فلما بلغوا من البناء حد الركن، اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود مكانه من الركن، فكل طائفة طلبت ذلك، فلما امتد اختلافهم اتفقوا على أن أول داخل عليهم من باب الحرم يحكموه، فدخل النبي (ص) فقالوا: هذا محمد - وكانوا يسمونه الأمين - رضينا به، فلما حكموه قال: (هلموا ثوبا) فأحضروا ثوبا فبسطه ووضع الحجر فيه، ثم قال: (لتأخذ كل طائفة بربع الثوب) فرفعوه جميعا، فاشتركت الطوائف من قريش كلها في رفعه، فلما وصلوا إلى موضعه من الركن، تناوله النبي (ص) بيده ووضعه مكانه ثم قال: (تمموا البناء) (1) هذه صورة بناء قريش الكعبة وتحكيم النبي (ص) في ذلك وعمره خمس وثلاثون سنة، فإذا كانت فاطمة (عليها السلام) قد ولدت له في ذلك العام ومات (ص) وعمره ثلاث وستون سنة، وماتت بعده بشهيرات فيكون عمرها ثمان وعشرين سنة، فظهر لك أن الذي ذكروه وهم وأن الصحيح هو هذا الذي عليه الجمهور (2).

١ - سيرة ابن هشام ١: ٢٠٤ - ٢٠٨.
٢ - هذا هو الذي عليه الجمهور.
واعترض البعض على ذلك وقالوا: إن ولادتها كانت بعد البعثة، واختلف في ذلك أيضا، فقائلون بعد البعثة بخمس وقائلون بثلاث سنين.
وقالوا: إن جميع أولاد خديجة (رض) ولدوا بعد البعثة النبوية وكانت فاطمة (رض) أصغرهم سنا. (البدء والتاريخ ٥: ١٦، المواهب اللدنية ١: ١٩٦، تاريخ الخميس للإمام الديار بكري:
١: ٢٧٢).
وقالوا: إن نطفتها قد انعقدت من ثمر الجنة في المعراج، وقسم قالوا: هو من ثمر الجنة ولكن نزل به جبرائيل للنبي (ص) فواقع خديجة (رض) وحملت بفاطمة من ذلك (تاريخ بغداد ٥: ٨٧ ضمن ترجمة أبي الحسين أحمد بن محمد الفقيه الشافعي، المستدرك على الصحيحين للحاكم ٣: ١٥٦، تلخيص المستدرك للذهبي ٣: ١٥٦، نزول الأبرار: ٨٨، الدر المنثور ٤: ١٥٣، مناقب ابن المغازلي: ٣٥٧، مقتل الحسين للخوارزمي ١: ٦٤، تاريخ الخميس ١: ٣٩٢، ذخائر العقبى:
٣٦
، لسان الميزان ١: ١٣٤، اللآلئ المصنوعة ١: ٣٩٢، الدرة اليتيمة: ٣١، ضياء العالمين ٤: ٤ (مخطوط)، الروض الفائق للشيخ شعيب المصري: ٢١٤، محاضرة الأوائل للسكتواري:
٨٨، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي: ١٧٧، مجمع الزوائد ٦: ٢٠٢، نزهة المجالس للصفوري الشافعي ٢: ٢٢٣).
وان هذه المصادر نقلتها عن عائشة وعمر بن الخطاب وابن مالك وابن عباس (رض).
وقالوا: روى النسائي وغيره أنه لما خطب أبو بكر وعمر (رض) فاطمة (عليها السلام) ردهما النبي (ص) متعللا بصغر سنها، والمعروف أن عمر (ص) قد خطبها بعد الهجرة - كما عليه السيرة والتاريخ - فيكون عمرها بحدود ثمانية عشر أو تسعة عشر عاما، ولذلك فلا يقال لمن هي في مثل هذا السن: أنها صغيرة.
وقالوا: ان تسميتها (بفاطمة) قد جاءت من السماء بأمر من الله كما في تسمية الحسن والحسين، وهذا يدل على أن ولادتها بعد البعثة (مناقب المغازلي: ٢٢١ و ٢٢٩، ضياء العالمين ٤: ٩٦ (مخطوط)، كنز العمال ٦: ٢١٩، ذخائر العقبى: ٢٦، ميزان الاعتدال ٢: ٤٠٠ و ٣: ٤٣٩، لسان الميزان ٣: ٢٦٧، طوالع الأنوار 112: 113، معرفة ما يجب لآل البيت النبوي للمقريزي: 51، البتول الطاهرة لأحمد فهمي 11: 15).
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 54 55 56 57 58 ... » »»