مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٥٤
إستبصار لذوي الأبصار:
لما كانت فاطمة (عليها السلام) قد اكتنفتها صفة الشرف لذاتها، وأحاطت بها الفضيلة من جميع جهاتها، من أصلها وفرعها وما بينهما، فأصلها رسول الله محمد (ص) وخديجة، وفرعها الإمامان السيدان الحسن والحسين (عليهما السلام)، وما بينهما علي وفاطمة (عليهما السلام) فلم تكتسب من غيرهم شرفا، ولا اتخذت من سواهم مألفا، وامتزجت بهم أمشاجا أولا وآخرا حتى لا تجد عنه منصرفا، فاقتضت الحكمة الإلهية الواضحة المنهاج، الصادقة في دلالة امتزاج الأمشاج، الصادعة لصحة الاستشهاد عند الإحتجاج، أن كانت مدة سني بقائها في الدنيا بعدة مادة أسماء من اكتنفها، وأنها لما استوفت ذلك العدد نقلها الله تعالى إلى جواره وأزلفها.
وكشف ذلك وإيضاحه: إن أصلها محمد (ص) وحروفه أربعة وخديجة وحروفها خمسة فتلك تسعة، وفرعها الحسن وحروفه خمسة والحسين وحروفه ستة فتلك أحد عشر، وما بين الأصل والفرع علي وفاطمة (عليهما السلام) وحروفهما ثمانية، فالجملة ثمانية وعشرون، فكان عمرها في الدنيا بقدرها ثمان وعشرين سنة، ووراء هذا الاستبصار زيادة اعتبار فإنها لما كانت ولادتها قبل النبوة بخمس سنين، كانت مقابلة بحروف أمها خديجة وهو أول الأمر، ولما كان من انتقالها عن مكة مسقط رأسها إلى المدينة دار الهجرة إلى وقت وفاتها إحدى عشرة سنة، كان مقابلا بحروف فرعها الحسن والحسن (عليهما السلام) وهو آخر الأمر، ولما كانت من وقت النبوة وبعثة أبيها (ص) إلى وقت الهجرة إلى المدينة ما بينهما اثنتا عشرة سنة، كان
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 54 55 56 57 58 59 ... » »»