مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٢٣٣
نسيب القيسي تابعي، يروي هذا القول عنه أبو داود في مسنده (1).
فهذا تلخيص مواقفه (عليه السلام) في منازلة الطوائف المتبعة تضليل أهوائها ومقابلة الناكثين والقاسطين والمارقين بقيامه في مقاتلتها بأعيانها وذكر كيفية قذفه بحقه لازهاق باطلها وكف غلوائها وارهاق عصبها صعود بوارق قاض عليها بشقائها، وقد تضمن هذا الفصل من وقائعه المذكورة ومواقفه المأثورة ما فيه غنية كافية وكفاية مغنية فإنه ملك عصم الشجاعة وأنه أكفى اكفائها ومن تأمل أقدامه (عليه السلام) في مأزق وقائعه ومضائق مواقفه ومعارك كره على الابطال وهجومه على الأقران وافتراس نفوس أخصامه ببأسه قاطعا بحسامه رقاب الهام ومفلقا بشباه مفارق الرؤوس وقادا بحده أوساط المارقين وشاهد غلظته على أعداء الله واستئصال شافتهم وتفصيل أوصالهم وتفريق جموعهم وتمزيقهم كل ممزق غير ثان عنان عزمه وأعمال بطشه عن الإقدام على الصفوف المرصوصة والكتائب المرصوفة والكراديس المصفوفة مبددا شمل اجتماعها مشمرا عن ساق شجاعته لها موغلا في غمرات القتال مولغا صارمه في دماء الطلا والأحشاء تحقق، واستيقن أن هجيراه (عليه السلام) مكابدة الحروب وإدارة رحاها وأن إليه في جميع الأحوال مردها ومنتهاها وأنه فيها قدوة شيخها وكهلها وفتاها، وعلم علما لا يعترضه شك أن الله عز وجل قد أتاه (عليه السلام) خصائص تكاد توصف بالتضاد وحلاه بلطائف تجمع أشتات التعاند، إذ أين هذه الشدة والبطش والغلظة والبأس والقد واللفظ وشق الهام وخفة الاقدام وتذليل الحجاحج والكماة وإلصاق معاطسها الأبية بالرغام من خشوعه وخضوعه راغبا وراهبا وتدرعه من الزهادة والعبادة بسربال سائغ ورداء سائل واتصافه (عليه السلام) برقة قلب وهموم طرف وانسكاب دمع وتأوه حزين واخباب منيب وشظف عيش وجشب غذاء وتقلل قوت وخشونة لباس وتطليق الدنيا وزهرتها ومواصلة الأوراد واستغراق الأوقات بها والاشفاق على الضعيف

1 - مسند أبي داود 4: 245 / 4769.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»