مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٢٣٥
في كراماته (عليه السلام)...
الفصل التاسع في كراماته:
إعلم أكرمك الله بالهداية إليه أن الكرامات: عبارة عن حالة تصدر مدة التكليف خارقة للعادة لا يؤمر بإظهارها، وبهذا القيد يذهب الفرق بينها وبين المعجزة، فإن المعجزة مأمور باظهارها، لكونها دليلا على صدق النبي دعواه النبوة، فالمعجزة مختصة بالنبي لازمة له، إذ لابد في النبوة من المعجزة فلا نبي إلا وله معجزة، والكرامة مختصة بالولي إكراما له لكن ليست لازمة له، إذ توجد الولاية من غير كرامة فكم من ولي لم يصدر له شئ من الخوارق، إذا عرفت هذه المقدمة فقد كان علي (عليه السلام) من أولياء الله تعالى وقد تقدم ذلك.
وكان له (عليه السلام) كرامات صدرت خارقة للعادة أكرمه الله تعالى بها.
منها: أن الله عز وعلا أطلعه في قتال الخوارج المارقين على مستقبل أمرهم فأخبر به قبل وقوعه فخرق به العادة وكانت كرامة له، وذلك أن الخوارج لما اجتمعوا وأجمعوا على قتاله وكانوا أربعة آلاف على ما سبق بيانه، فبينا علي (عليه السلام) جالس إذ رأى فارسا مقبلا من ناحية النهروان يركض على فرس فصاح به علي (عليه السلام): (إلي إلي) فجاء إليه فقال له علي (عليه السلام): (ما وراءك)؟
فقال: إن القوم لما علموا أنك قربت منهم عبروا النهر هاربين.
فقال له علي (عليه السلام): (أنت رأيتهم حين عبروا؟).
قال: نعم.
فقال له علي (عليه السلام): (والذي بعث محمدا (ص) لا يعبرون ولا يبلغون قصر بوران بنت كسرى حتى يقتل الله مقاتلتهم على يدي فلا يبقى منهم إلا أقل من عشرة ولا يقتل من أصحابي إلا أقل من عشرة) ثم نهض (عليه السلام) فركب فرسه حتى وافى القوم متأهبين للقتال فواقعهم على ما سبق حتى قتلوا عن آخرهم سوى تسعة ولم يقتل من أصحابه سوى ما تقدم ذكره قيل: تسعة وقيل: اثنان، ولم
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»