مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٢٢٦
تحقيقها أن يثبتها الاستدلال، وعلى الجملة والتفصيل فمقام شجاعته لا ينال وماذا بعد الحق إلا الضلال.
ولما أسفر صبح ليلة الهرير عن ضيائه وحسر الليل جنح ظلمائه كانت القتلى من الفريقين ستة وثلاثين ألف قتيل هكذا نقله مصنف فتوح الشام (1) ومؤرخ الوقائع التي نسختها (2) ألسنة الأقلام فهي في الرواية منسوبة إليه والعهدة فيها عند تتبعها عليه، وهذه الوقائع المذكورة مع أهوالها الصعاب وصيالها المصلى لظى الطعان والضراب هي بالنسبة إلى وقائع صفين كالقطرة من السحاب.
ومنها: قتل الخوارج الذين قاموا على سوق مخالفة الملة الاسلامية وشاموا بروق جهلهم من مطالع الجاهلية طلبا للحمية واتفقوا على اتباع هوى نفوسهم الأمارة وقلوبهم العمية ومرقوا بذلك من الدين كما يمرق السهم من الرمية فسدد إليهم علي (عليه السلام) سهام الانتقام بأيدي نظراته الإمامية وجرد لهم صوارم الاصطلام بمرهفات عزائمه الهاشمية وحصد رؤوسهم وأخمد من نفوسهم بشبا شفار شنشنته الأخزمية ولا يظهر حقيقة ما ابتدعوه من حالهم وما اتبعوه من استباحتهم واستحلالهم إلا بتفصيل أقوالهم وأعمالهم وما اعتمدوه في تعليل انفصالهم عن الطاعة وجدالهم وها أنا الآن اشرح قصتهم مختصرة واختصرها مشروحة بحيث يعقلها من تلاها ويستوي في معرفتها من سمعها ومن أملاها:
وهو أن عليا (عليه السلام) لما عاد من صفين إلى الكوفة بعد الذي جرى من أمر الحكمين أقام ينتظر انقضاء المدة التي كانت بينه وبين معاوية ليرجع إلى المقاتلة والمحاربة إذ انخذلت (3) طائفة من خواص أصحابه في أربعة آلاف فارس وهم

1 - الفتوح لابن أعثم 3: 178.
2 - في نسخة (م): نقلتها.
3 - في نسخة (ع): تحركت.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»