مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٢٢٥
قال عمرو: فإن لم تكن من ساعاتي فرحم الله اللخميان ولا أظنه يفعل (1).
ومنها: ليلة الهرير التي خاضت فيها ذكور لها زمها وخرصاتها بأيدي فرسانها وصدرت بحمرة بهرامها بعد ورودها بروقة كيوانها واتصلت بها مصافحة الصفاح لصفحات رؤوسها وأبدانها واتخذت لها الصوارم واللهازم من الطلا والكلأ أبدالا من أجفانها فيالها ليلة سما قتامها فكفر كواكبها ونما ظلامها فستر مناكبها حتى خشعت لها الأصوات فلا يسمع إلا زئير وتضارب وهرير وتحارب وزجر وتقاصب وهبر وتواثب وتبر وتقاضب وكر وتغالب ووكز وتسالب ووخز وتجاذب وبز وتشاخب وحز وتساخب وصلصلة تبعث صهيلا وغلغلة تورث غليلا وهمهمة تحدث دخولا وغمغمة تطمث فحولا قد تحطمت رماحها وتثلمت صفاحها واخترمت أرواحها وتواصل غدوها ورواحها فالناس فيها يتلاطمون تلاطم السيول والأمواج ويتصادمون تصادم الفحول عند الهياج لا يمتاز المحق من المبطل لتراكم ظلام الليل الداج وتفاقم قتام نقع العجاج حتى أسفر صباحها وهم بين مجد مشيح ومجدل طريح ومخذول جريح ومقتول نطيح.
هذا وعلي (عليه السلام) فيها كالهزبر الهصور والنمر الجسور لا يعترضه في إدحاض الباطل توهم فتور ولا قصور يختطف نفوسا ويقتطف رؤوسا ويسقي القاسطين من صباب المصائب كؤوسا بحربه الفاصم وضربه القاصم وسيفه الحاسم ورمحه الناظم، كلما قصد فارسا اعدمه والقمه دعاما وكلما أردى قتيلا أعلن بالتكبير اعلانا فأحصيت تكبراته المؤذنة بعدد من قتله وحصرت الاستعلام عدة من جدله فكانت خمس مائة وثلاثا وعشرين قتيلا، فما تحلى بهذه المزايا والخلال ولا أبلى البلاء المذكور في النزال ولا صدرت منه هذه الأفعال إلا عن شجاعة تذل لها الأبطال وتقل لديها الأهوال ولا تقوم بوصفها الأقلام والأقوال ولا يحتاج في

1 - انظر الفتوح لابن أعثم 3: 140 - 143، عيون الأخبار 1: 274.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»