مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٩٩
فأما مقاماته في الغزوات مع رسول الله (ص) فمنها: ما كان على رأس ثمانية عشر شهرا من قدومه المدينة وعمر علي (عليه السلام) إذ ذاك سبع وعشرون سنة، غزاة بدر التي أودت بالشرك فقصمت مطاه وفصمت عراه وأذاقت كل مشرك حضرها وبال أمره بما قدمت يداه، فسقتهم كأس الدمار وأذاقتهم لباس البوار ونقلت الملأ منهم من منقلب القليب إلى تقليبهم في عذاب النار، فيومها يوم خصه الله بابدار بدره فبشرت بالنصر تباشير فجره، ونشرت ألوية الظفر بقتل صناديد كفره وظهرت فيه من كل مؤمن علانية جهره وسريرة سره وأنزلت آيات القرآن الكريم بتنويه ذكره وعلت على الأيام العظام قدم قدره ونزلت الملائكة المسومة لإمداد رسول الله (ص) ونصره، وانجلت الغمة عن المسلمين بما أمدهم الله تعالى من جند خلقه وأمره، وانقسمت جموع المشركين يومئذ إلى مجدول بقتله ومخذول بأسره، وكان علي (عليه السلام) خائض لجج غمراته بقلب قلب لا يجف وجري جنان (لا يقف) (1) مشمرا عن ساق شجاعة لا تنصرف وقدم أقدام لا تنحرف ومقدما بعضد عزم لا يضعف وساعد حزم لا يرجف ومسفرا عن بارق همة لا تخلف وسابق قوة لا يقرف يقط بشبا سيفه رقاب الهام قط الأقلام ويحط الرؤوس عن الجثث إلى مصافحة الاقدام ويفجر من مجاري الطلا ينابيع دماء يسقى بها عطاش الرغام، فكان عدد من قتلهم (عليه السلام) يوم بدر من مقاتلة المشركين على ما قيل في المغازي ونقله أبو محمد عبد الملك بن هشام في كتابه الذي صنفه وسماه بالسيرة النبوية استقلالا واشتراكا واحدا وعشرين قتيلا، منهم من اتفق الناقلون على مباشرته (عليه السلام) قتلهم انفرادا بلا خلاف وهم تسعة، ومنهم من شاركه في قتلهم غيره وهم أربعة، ومنهم من اختلف النقل فيهم فقيل هو باشر قتلهم وقيل غيره ثمانية.
فأما الذين استقل (عليه السلام) بقتلهم بلا خلاف فهم: الوليد بن عتبة بن ربيعة خال

1 - ليس في (م).
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»