رسول الله (ص) على كلثوم بن هرم (1).
فلو لم يكن الله تعالى قد خص قلبه بقوة، وجنانه بثبات، ونفسه بشهامة، لاضطرب في هذا المقام وإن كان آمنا من أذاهم في مبيته لقول النبي (ص): (لن يخلص إليك منهم شئ تكرهه) فإن النفوس البشرية قد يتيقن عدم الخوف (والأذى) (2) ومع ذلك يظهر عليها الاضطراب من رؤية المخوف، فإن موسى (عليه السلام) مع درجة النبوة فقد أخبره الله تعالى بأنه اختاره لما أمره بالقاء عصاه فألقاها فلما صارت حية خاف وولى مدبرا فقال له الله تعالى: * (أقبل ولا تخف) * (3) وقال تعالى: * (خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى) * (4) فلم يمكنه أن يخالف الأمر وكان عليه كساء فلف طرف الكساء على يده ليأخذها فقال: مالك يا موسى أرأيت لو أذن الله لها في أذاك لرد عنك كساؤك شيئا.
فقال: لا ولكني ضعيف ومن ضعف خلقت (5).
فالنفس البشرية هذا طبعها وكذلك أم موسى لما أمرها الله تعالى بالقاء ولدها