مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٩٢
يأتيها إتيان مستأنس بها ألف لها وهي لكثرتها لا يضبطها حصر ولا يحصرها ضابط ولكن أذكر طرفا صالحا منها ليكون إن شاء الله تعالى وافيا بالكشف والبيان.
فأول ما أبدأ به أن النبي (ص) لما بايع طائفة من الأنصار بيعتي العقبة الأولى والثانية صار المسلمون كلما اشتد عليهم الأذى بمكة هاجروا إلى المدينة فلما علم المشركون بمكة أنه قد صار لهم (1) دار هجرة ورأوا أن أكثر من أسلم قد هاجر من مكة إليها، اجتمع رؤساء قريش لينظروا ما يصنعون بالنبي (ص) فأتاهم إبليس في صورة شيخ نجدي فقال لهم: قد بلغني اجتماعكم لمشاورتكم فأحببت أن أحضركم فما تعدمون مني رأي خير. فأدخلوه معهم واجتمعوا في دار الندوة.
فقال أبو البختري: أرى أن تحبسوا محمدا في بيت وتسدوا بابه غير كوة يدخل منها طعامه وشرابه وتتربصوا به ريب المنون.
فقال الشيخ النجدي: ليس هذا برأي فإنه له عشيرة فتحملهم الحمية على أن لا تمكنوا منه فتتقاتلوا.
فقالوا: صدق الشيخ.
فقال هشام بن عمرو: أرى أن تركبوه جملا شرودا وتخرجوه من بينكم فيكون هلاكه على يد غيركم وتستريحوا منه.
فقال الشيخ النجدي: بئس الرأي هذا تعمدون إلى رجل قد أفسد سفهاءكم فاتبعوه فتخرجوه إلى غيركم فيفسدهم ويستتبعهم وله من عذوبة القول وطلاقة اللسان واستمالة القلوب ما قد علمتم، والله لئن فعلتم ليجمعن الناس ويقاتلكم ويخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم.
فقالوا: صدق الشيخ.
فقال أبو جهل: والله لأشيرن عليكم برأي لا أرى غيره، وهو أن تأخذوا من

1 - في نسخة (م): للمسلمين.
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»