مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٩١
الفصل الثامن في شجاعته وجهاده ومواقفه:
قبل الشروع في تفاصيل هذه المزايا المشار إليها لابد من بيان حقيقة الشجاعة بذكر ماهيتها ثم بعد ذلك يقع الكلام في بيان اتصافه (عليه السلام) بها وظهور آثارها منه.
فأقول: الشجاعة عبارة عن قوة في القلب تبعث على الاقدام على ارتكاب الأفعال المخوفة. فكل من حصلت له هذه الحالة فقد اتصف بالشجاعة فيسمى شجاعا، وقد كان (عليه السلام) قد منحه الله تعالى بها وأتاه إياها فإن قوة قلبه الباعثة على إقدامه على ارتكاب الأهوال في ملاقاة الأبطال، والانغماس في تيار الأخطار المختطف مهج الآجال، كانت ظاهرة على أعطافه منتشرة في جوارحه (1) وأطرافه مشتهرة من نعوته وأوصافه منذرة كل من تعرض لنزاله، وجلادة بتجديله وإتلافه، يحذر أجلاد الرجال جلاد مقامه ويفر شداد الأبطال عند اشتداد أقدامه ويفطر غمام نقع مواقفه نفوسا برعد ضربه وبرق حسامه، وتتحاماه الآساد في استدارة رحى الحروب، ويتجافاه المراد عند تضايق مأزق كل أسلوب، له وثبات تقطع رواسي الرؤوس وتقتلع رواسخ القلوب، وثبات إذا تزلزلت (2) الأقدام لكرابة الكروب واختلاف الخطوب. وها أنا الآن آتي على هذا الإجمال بتفصيل يشرحه وتبيين يوضحه فأقول:
إن عليا (عليه السلام) كان خوضه في غمرات الأهوال ونزوله في محال الآجال وحلوله في مواطن شدائد الأحوال غير مكترث بأهوالها ولا مضطرب لأوجالها ولا ملتفت إلى شئ من شدائد أحوالها، قد صار له عادة مألوفة وسجية مستعذبة

1 - في نسخة (م): جوانحه.
2 - في نسخة (م): نزلت.
(١٩١)
مفاتيح البحث: المنح (1)، الضرب (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»