مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٧٨
امرؤ عبثا فيهلو ولا ترك سدى فيلغو، وما دنياه التي تحسنت له بخلف من الآخرة التي قبحها سوء (النظر) (1) عنده وما المغرور بزخرفها الدني بناج من عذاب ربه عند مرده إليه (2)).
وله (عليه السلام) في هذا الباب من التنفير عن الدنيا والتنفير عن مساوئها جواهر حكم مبثوثة (3) في غصون خطبه مندرجة في مطاوي مواعظه، منظومة في عقود كلامه، لم أر اقتطاعها منها ولا فصلها عنها ستأتي مسرودة في الفصل المرصد لبيان فصاحته، وإيراد بلغة من عيون بلاغته إن شاء الله تعالى واقتصرت في هذا الفصل على هذه النبذة فإنها مع قلتها وافية بالغرض في دلالتها على معرفته بالدنيا، فلهذا لما فهمها اتهمها وحين عرفها صرفها وإذا استبانها أبانها ومذ تحققها طلقها وحيث تبين إقبالها بايضاعها وتيقن احتيالها بخداعها، رفض مقتنى متاعها وادحض مستحلى ارتضاعها، فارتدى لباس الزهادة فيها وامتطى مطي الرغبة عنها، فصار زهده فيها شعارا مدركا بالابصار وأثرا حقيقيا لا يقابل دعوى وجوده بالإنكار حتى توارت منه متون الأخبار وتجاهرت به أقوال أئمة الأمصار.
فمنها: أن ابن النباح خازن بيت المال جاءه يوما فقال: يا أمير المؤمنين قد امتلأ بيت المال من صفراء وبيضاء.
فقال (عليه السلام): (الله أكبر - ثم قام متوكئا على الخازن حتى قام على بيت المال - فقال:
هذا جناي وخياره فيه * إذ كل جان يده إلى فيه

١ - في نسخة (ع): ظنه، وما أثبتناه من المصدر.
٢ - شرح النهج ١٩: ٣٠٠ خطبة ٣٧٦، إعجاز القرآن للباقلاني: 163، ربيع الأبرار 1: 97.
3 - في نسخة (م): مثبوتة.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»