فأطرقت سودة ساعة ثم قالت:
صلى الإله على روح تضمنها * قبر فأصبح فيه العدل مدفونا قد خالف الحق لا يبغي به بدلا * فصار بالحق والإيمان مقرونا فقال معاوية: من هذا يا سودة؟
فقالت: هذا والله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) والله لقد جئته في رجل كان ولاه صدقاتنا فجار علينا فصادفته قائما يصلي فلما رآني إنفتل من صلاته ثم أقبل علي برحمة ورفق ورأفة وتعطف وقال: (ألك حاجة)؟
فقلت: نعم، وأخبرته الخبر فبكى، ثم قال: (اللهم أنت الشاهد علي وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك).
ثم أخرج من جيبه قطعة جلد فكتب فيها: (* (بسم الله الرحمن الرحيم قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين) * (1) فإذا قرأت كتابي هذا فاحتفظ بما في يدك من عملنا حتى يقدم من يقبضه منك والسلام).
ثم دفع الرقعة إلي فوالله ما ختمها بطين ولا خزمها فجئت بالرقعة إلى صاحبه فانصرف عنا معزولا.
فقال معاوية: اكتبوا لها كما تريد واصرفوها إلى بلدها غير شاكية (2).
وكم مثل هذه القضايا التي كان (عليه السلام) يعتمدها تؤذن بوقوفه مع الحق