مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٧٧
في دهر عنود وزمن شديد يعد فيه المحسن مسيئا ويزداد الظالم فيه عتوا، لا ننتفع بما علمنا ولا نسأل عما جهلنا ولا نتخوف قارعة حتى تحل بنا، والناس على أربعة أصناف منهم من لا يمنعه الفساد في الأرض إلا مهانة نفسه وكلالة حده ونضيض وفره، ومنهم المصلت بسيفه والمعلن بشره والمجلب بخيله ورجله قد أهلك نفسه وأوبق دينه لحطام ينتهزه أو مقنب يقوده أو منبر يفترعه لبئس المتجران، ترى الدنيا لنفسك ثمنا ومما لك عند الله عوضا، ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا قد طامن من شخصه وقارب من خطوه وشمر من ثوبه وزخرف من نفسه للأمانة واتخذ [ستر] (1) الله تعالى ذريعة إلى المعصية، ومنهم من أقعده عن طلب الملك ضؤولة نفسه وانقطاع سببه فقصرته الحال على حاله فتحلى باسم القناعة وتزين بلباس [أهل] (2) الزهادة وليس ذلك في مراح ولا مغدي، وبقي رجال غض أبصارهم ذكر المرجع وأراق دموعهم خوف المحشر، فهم بين شريد ناء وخائف مقموع وساكت مكعوم وداع مخلص وثكلان موجع، قد أخملتهم التقية وشملتهم الذلة فهم في بحر أجاج، أفواههم ضامرة وقلوبهم قرحة، قد وعظوا حتى ملوا وقهروا [حتى ذلوا وقتلوا] (3) حتى قلوا، فلتكن الدنيا [في أعينكم] (4) أصغر من حثالة القرظ وقراضة الجلم، واتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم وارفضوها ذميمة فإنها [قد] (5) رفضت من كان أشغف بها منكم فياما أغر خداعها مرضعة وياما أضر نكالها فاطمة) (2).
وقد نقل عنه (عليه السلام) أنه قال وقد اجتمع حوله خلق كثير: (اتقوا الله فما خلق

١، ٢، ٣، ٤، ٥، - أثبتناه من المصدر ونسخة (م).
٢ - البيان والتبيين ٢: ٣٩، شرح نهج البلاغة ٢: ١٧٤ خطبة 32، جمهرة خطب العرب 2: 175.
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»