ملوكا في الآخرة، فتفرقوا ثم جاؤوا إلى أبي طالب، فقالوا: أنت سيد من ساداتنا وابن أخيك قد فرق جماعتنا، فهلم ندفع إليك أبهى فتى من قريش وأجملهم وأشرفهم، عمارة بن الوليد يكون لك ابنا وتدفع إلينا محمدا لنقتله، فقال أبو طالب: ما أنصفتموني تسألوني ان ادفع إليكم ابني لتقتلوه، وتدفعون إلى ابنكم لأربيه لكم، فلما آيسوا منه كفوا (1).
فصل - 3 - 426 - وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يكف عن عيب آلهة المشركين، ويقرأ عليهم القرآن، و كان الوليد بن المغيرة من حكام العرب يتحاكمون إليه في الأمور، وكان له عبيد عشره عند كل عبد ألف دينار يتجر بها وملك القنطار وكان عم أبي جهل، فقالوا له: يا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمد أسحر أم كهانة أم خطب؟ فقال! دعوني اسمع كلامه، فدنا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو جالس في الحجر، فقال: يا محمد أنشدني شعرك، فقال: ما هو بشعر ولكنه كلام الله الذي بعث أنبياءه ورسله، فقال: أتل فقرا: بسم الله الرحمن الرحيم، فلما سمع الرحمن استهزأ منه، وقال: تدعو إلى رجل باليمامة بسم (2) الرحمن؟ قال: لا ولكني ادعو إلى الله وهو الرحمن الرحيم. ثم افتتح حم السجدة، فلما بلغ إلى قوله: " فان أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " (3) وسمعه اقشعر جلده، وقامت كل شعره في بدنه، وقام ومشى إلى بيته و، لم يرجع إلى قريش، فقالوا: صبا أبو عبد الشمس إلى دين محمد.
فاغتمت قريش وغدا عليه أبو جهل، فقال فضحتنا يا عم، قال: يا ابن أخي ما ذاك و إني على دين قومي، ولكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود، قال: أفشعر هو؟ قال: ما هو بشعر، قال: فخطب؟ قال: لا ان الخطب كلام متصل، وهذا كلام منثور لا يشبه بعضه بعضا له طلاوة، قال: فكهانة هو؟ قال: لا قال: فما هو؟ قال: دعني أفكر فيه، فلما كان من الغد، قالوا: يا عبد شمس ما تقول؟ قال: قولوا: هو سحر فإنه آخذ بقلوب الناس، فأنزل