الناس معه فاتى بهم ارفع دار في المدينة قال تمليخا: هذه الدار لي، فقرع الباب فخرج إليهم شيخ كبير قد وقع حاجباه على عينيه من الكبر، فقال: ما شأنكم؟ فقال الملك: اتانا هذا الغلام بالعجائب يزعم أن هذه الدار داره، فقال له الشيخ: من أنت؟ قال: انا تمليخا بن قسطيكين، قال: فانكب الشيخ على رجليه يقبلها ويقول: هو جدي ورب الكعبة. فقال:
أيها الملك هؤلاء الستة الذين خرجوا هرابا من دقيوس الملك، فنزل الملك عن فرسه، و حمله على عاتقه، وجعل الناس يقبلون يديه ورجليه، فقال: يا تمليخا ما فعل أصحابك؟ فأخبر انهم في الكهف وكان يومئذ بالمدينة ملك مسلم وملك يهودي. فركبوا في أصحابهم فلما صاروا قريبا من الكهف قال لهم تمليخا: إني أخاف ان تسمع أصحابي أصوات حوافر الخيول، فيظنون ان دقيوس الملك قد جاء في طلبهم، ولكن أمهلوني حتى أتقدم فأخبرهم، فوقف الناس. و فاقبل تمليخا حتى دخل الكهف، فلما نظروا إليه اعتنقوه وقالوا: الحمد لله الذي نجاك من دقيوس، قال تمليخا: دعوني عنكم وعن دقيوسكم كم لبثتم؟ قالوا: لبثنا يوما أو بعض يوم قال تمليخا: بل لبثتم ثلاثمائة وتسع سنين، وقد مات دقيوس وانقرض (1) قرن بعد قرن، و بعث الله نبيا يقال له: المسيح عيسى بن مريم، ورفعه الله إليه، وقد اقبل إلينا الملك والناس معه. قالوا: يا تمليخا أتريد ان تجعلنا فتنه للعالمين قال تمليخا: فما تريدون؟ قالوا: ادع الله جل ذكره وندعوه معك حتى يقبض أرواحنا، فرفعوا أيديهم، فامر الله بقبض أرواحهم، و طمس الله باب الكهف على الناس، فاقبل الملكان يطوفان على باب الكهف سبعه أيام لا يجدان للكهف بابا.
فقال الملك المسلم: ماتوا على ديننا ابني على باب الكهف مسجدا، وقال اليهودي: لا بل ماتوا على ديني ابني على باب الكهف كنيسة فاقتتلا، فغلب المسلم وبنى مسجدا عليه. يا يهودي أيوافق هذا ما في توراتكم؟ قال: ما زدت حرفا ولا نقصت حرفا وانا اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم (2).