أميت ابنه فلما قدموا عليه شدد الله الوجع على ابنه، واخذ الموت يكظمه (1)، رجع الياس سالما إلى مكانه فلما ذهب الجزع عن الملك بعد مده سال الكاتب عن الذي جاء به فقال: ليس لي به علم.
ثم إن الياس عليه السلام نزل واستخفى عند أم يونس بن متى ستة أشهر ويونس عليه السلام مولود ثم عاد إلى مكانه فلم يلبث الا يسيرا حتى مات ابنها حين فطمته فعظمت مصيبتها فخرجت في طلب الياس ورقت الجبال حتى وجدت الياس فقالت إني فجعت بموت ابني وألهمني الله تعالى عز وجل الاستشفاع بك إليه ليحيى لي ابني فانى تركته بحاله ولم أدفنه وأخفيت مكانه فقال لها: ومتى مات ابنك قالت اليوم سبعه أيام فانطلق الياس وصار سبعه أيام أخرى حتى انتهى إلى منزلها، فرفع يديه بالدعاء و اجتهد حتى أحيى الله تعالى جلت عظمته بقدرته يونس عليه السلام، فلما عاش انصرف الياس، و لما صار ابن أربعين سنه أرسله الله تعالى إلى قومه كما قال: (وأرسلناه إلى مائه الف أو يزيدون (2).
ثم أوحى الله تعالى إلى الياس بعد سبع سنين من يوم أحيى الله يونس عليه السلام سلني أعطك، فقال: تميتني فتلحقني بآبائي، فانى قد مللت بني إسرائيل وأبغضتهم فيك، فقال تعالى جلت قدرته: ما هذا باليوم الذي أعرى منك الأرض وأهلها، وانما قوامها بك، ولكن سلني أعطك، فقال الياس: فاعطني ثاري من الذين أبغضوني فيك، فلا تمطر عليهم سبع سنين قطره الا بشفاعتي، فاشتد على بني إسرائيل الجوع، وألح عليهم البلاء، وأسرع الموت فيهم، وعلموا ان ذلك من دعوه الياس، ففزعوا إليه وقالوا: نحن طوع يدك، فهبط الياس معهم ومعه تلميذ له اليسع وجاء إلى الملك فقال: أفنيت بني إسرائيل بالقحط، فقال:
قتلهم الذي أغواهم، فقال: ادع ربك يسقهم.
فلما جن الليل قام الياس عليه السلام ودعا الله ثم قال لليسع: انظر في أكناف السماء ماذا ترى؟
فنظر، فقال: أرى سحابة، فقال: أبشروا بالسقاء، فليحرزوا أنفسهم وأمتعتهم من الغرق،