فانتهى إلى أصل شجره تحتها بئر وعندها أمة من الناس وجاريتان معهما غنيمة (1) في ناحية، فقال لهما: ما خطبكما، قالتا: أبونا شيخ كبير ونحن ضعيفتان لا نزاحم الرجال، فإذا استقى الناس وانصرفوا سقينا من بقيه مائهم فرحمهما موسى فاخذ الدلو واستقى وسقى لهما، فرجعتا قبل الناس وجلس موسى موضعه.
قال أبو جعفر عليه السلام (2) لقد قال: (رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير) * وانه لمحتاج إلى شق تمره. فلما رجعتا إلى أبيهما قال: ما أعجلكما! قالتا: وجدنا صالحا رحمنا فسقى لنا، فقال لإحداهما: اذهبي فادعيه فجاءت تمشي على استحياء، قالت: ان أبي يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا، فقال موسى لها: وجهيني إلى الطريق وامشي خلفي، فانا بنى يعقوب لا ننظر إلى أعجاز (3) النساء.
(فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين)، * * ثم استأجره ليزوجه، ابنته فلما قضى موسى الاجل وسار باهله نحو بيت المقدس أخطأ الطريق ليلا، فأورى نارا فلم يمكنه الزند (4)، فرأى نارا فقال لأهله: امكثوا إني آنست نارا لعلى آتيكم منها بقبس أو خبر، لما انتهى إلى النار إذا شجره تضطرم من أسفلها إلى أعلاها، فلما دنا منها تأخرت ثم دنته، فنودي: إني انا الله رب العالمين، وان الق عصاك، فألقاها فإذا هي حيه مثل الجذع لأسنانها صرير يخرج من فمها مثل لهب النار فولى مرتعدا، فنودي: لا تخف وخذها، فوقع عليه الأمان ووضع رجليه على ذنبها وتناول لحيتها (5)،