قالت: فلا تحزني فانى سوف اكتم عليك فلم تصدقها فلما ان ولدت التفتت إليها وهي مقبلة (1)، فقالت: ما شاء الله فقالت: ألم أقل: إني سوف اكتم عليك، ثم حملته فأدخلته المخدع وأصلحت امره (2)، ثم خرجت إلى الحرس وكانوا على الباب، فقالت: انصرفوا فإنما خرج دم مقطع فانصرفوا فأرضعته، فلما خافت عليه أوحى الله إليها: اجعليه في تابوت، ثم اخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر، فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم، فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر وان الريح ضربته فانطلقت به، فلما رأته قد ذهب به الماء، فهمت (3) ان تصيح فربط الله على قلبها.
وقد كانت الصالحة امرأة فرعون وهي من بني إسرائيل قالت: انها أيام الربيع (4) فاخرجني فاضرب لي قبة على شاطئ البحر حتى أتنزه هذه الأيام، فضرب لها قبة على شط النيل إذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: هل ترون ما أرى على الماء؟ قالوا: إي والله يا سيدتنا انا لنرى شيئا، فلما دنا منها ثارت إلى الماء فتناولته بيدها، وكاد الماء يغمرها حتى صاحوا عليها، فجذبته فأخرجته من الماء، فأخذته فوضعته في حجرها فإذا غلام أجمل الناس، فوقعت عليها له محبة، وقالت: هذا ابني، فقالوا: أي والله يا سيدتنا ما لك ولد ولا للملك، فاتخذي هذا ولدا، فقالت لفرعون: إني أصبت غلاما طيبا نتخذه ولدا، فيكون قره عين لي ولك ولا تقتله، قال: ومن أين هذا الغلام؟ قالت: ما ادرى الا ان الماء جاء به، فلم تزل به حتى رضى.
فلما سمع الناس ان الملك يربي ابنا لم يبق أحد من رؤوس من كان مع فرعون الا بعث امرأته إليه لتكون ظئرا له، فأبى ان يأخذ من امرأة منهن ثديا، قالت امرأة فرعون: اطلبوا لابني ظئرا ولا تحقروا أحدا، فجعل لا يقبل من امرأة منهن، فقالت أم موسى لأخته: قصيه:
انظري اثر من له اثر (5)، فانطلقت حتى أتت باب الملك: قالت هاهنا امرأة صالحه: تأخذ