فسلط عليها، فلم يبق منها شئ الا هلك، فقال أيوب: الحمد لله الذي اعطى والحمد لله الذي اخذ (١). وكذلك ببقره، وغنمه، ومزارعه، وأرضه، وأهله، وولده، حتى مرض مرضا شديدا.
فاتاه أصحاب له، فقالوا يا أيوب: ما كان أحد من الناس في أنفسنا ولا خير علانية خيرا عندنا منك، فلعل هذا لشئ كنت أسررته فيما بينك وبين ربك لم تطلع عليه أحدا، فابتلاك الله من اجله، فجزع جزعا شديدا ودعى ربه، فشفاه الله تعالى ورد عليه ما كان له من قليل أو كثير في الدنيا، قال: وسألته عن قوله تعالى: ﴿ووهبنا له أهله ومثلهم معهم) رحمه﴾ (٢) فقال: الذين كانوا ماتوا (٣).
١٤٩ - وعن ابن بابويه، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما طال بلاء أيوب عليه السلام، ورأى إبليس صبره اتى إلى أصحاب له كانوا رهبانا في الجبال، فقال لهم: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى نسأله عن بليته، قال: فركبوا وجاؤوه، فلما قربوا منه نفرت بغالهم فقربوها بعضا إلى بعض ()، ثم مشوا إليه وكان فيهم شاب حدث فسلموا على أيوب و قعدوا، وقالوا: يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك. فلا نرى تبتلى بهذا البلاء الا لأمر كنت تستره.
قال أيوب صلوات الله عليه: وعزه ربي انه ليعلم إني ما اكلت طعاما قط الا ومعي يتيم أو ضعيف يأكل معي، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة الا اخذت بأشدهما على بدني، فقال الشاب: سوءة لكم عمدتم إلى نبي الله، فعنفتموه حتى أظهر من عباده ربه ما كان يسره، فعند ذلك دعا ربه وقال: ﴿رب إني مسني الشيطان بنصب وعذاب﴾ (5).