زيد وهو متواري بالبصرة، قال: لما طلبنا هارون الملقب بالرشيد، خرجت ناحية الري، ووقع عبد الله بن موسى إلى ناحية الشام، وخرج القاسم بن إبراهيم عليه السلام إلى ناحية اليمن، فلما توفي هارون اجتمعنا في الموسم فتشاكينا ما مر علينا، فقال القاسم عليه السلام: اشهد ما مر بي اني لما خرجت من مكة أريد اليمن صرت في مفازة لا ماء فيها، ومعي بنت عمي وهي زوجتي وبها حمل، فجاءها المخاض في ذلك الوقت فحفرت لها حفرة لتتولى امر نفسها، وضربت في الأرض اطلب لها ماء، فرجعت إليها وقد ولدت غلام وأجهدها العطش، فلججت في طلب الماء، فرجعت إليها وقد ماتت والصبي حي، فكان بقاء الغلام أشد علي من موت أمه، فصليت ركعتين ودعوت الله ان يقبضه ما فرغت دعائي حتى مات.
وشكى عبد الله بن موسى، انه خرج من بعض قرى الشام، وقد حث عليه في الطلب، وانه صار إلى بعض المسالح وقد سخره بعض الجند وحمل على ظهره شيئا، وكان إذا أعيا وضع ما على ظهره للاستراحة فيضربه ضربا شديدا، ويقول له: لعنك الله ولعن من أنت منه!!
وقال أحمد بن عيسى: وكان غليظ ما نالني، اني صرت إلى ورزنين ومعي ابني محمد، وتزوجت إلى بعض الحاكة هناك، ونكتب بأبي حفص الجصاص، وكنت أعدو واقعد مع بعض أسي به من الشيعة ثم أروح إلى منزلي كأني قد علمت نومي، وولدت الامرأة بنتا، فتزوج ابني محمد إلى بعض موالي عبد القيس هناك، فأظهر مثل ما أظهرت، فلما صار لابنتي نحو عشر سنين طلبني أخوالها بتزويجها من رجل من الحاكة له فيهم قدر، فضقت ذرعا بما وقعت إليه، ففزعت إلى الله تعالى وتضرعت إليه في أن يحرمها ويقبضها ويحسن علي الخلف فيها والعوض، وأصبحت الصبية عليلة ثم ماتت من يومها، فخرجت مبادرا إلى ابني أبشره، فلقيني في الطريق فأعلمني انه ولد فسميته عليا وهو بباحة ورزنين لا اعرف له خبر للاستتار الذي انا فيه.