تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٧٦
القلوب وتصريفها بغير مشقة ولا كلفة، قال إنها بين أصابعه كناية عن هذا المعنى واختصارا للفظ الطويل يه. وقد ذكر قوم في معنى الأصابع على أنها المخلوقات من اللحم والدم استظهارا في الحجة على المخالف وجها آخر، وهو أنه لا ينكر أن يكون القلب يشتمل عليه جسمان على شكل الإصبعين، يحركه الله بهما ويقلبه بالفعل فيهما. ويكون وجه تسميتهما.
بالإصبعين من حيث كانا على شكلهما. والوجه في اضافتهما إلى الله تعالى. وان كانت جميع افعاله تضاف إليه بمعنى الملك والقدرة، لأنه لا يقدر على الفعل فيهما وتحريكهما منفردين عما جاوزهما غيره تعالى، وقيل إنهما إصبعان له من حيث اختص بالفعل فيهما على هذا الوجه. وهذا التأويل وإن كان دون ما تقدمه فالكلام يحتمله، ولابد من ذكر القوي والضعيف إذا كان في الكلام له أدنى احتمال.
في قول سيدنا محمد إن الله خلق آدم على صورته:
(مسألة): فإن قيل فما معنى الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : " ان الله خلق آدم على صورته "، أوليس ظاهر هذا الخبر يقتضي التشبيه وان له تعالى عن ذلك صورة.
(الجواب): قلنا قد قيل في تأويل هذا الخبر أن الهاء في قوله في صورته، إذا صح هذا الخبر راجعة إلى آدم (ع) دون الله، فكان المعنى انه تعالى خلقه على الصورة التي قبض عليها، وأن حاله لم يتغير في الصورة بزيادة ولا نقصان كما تتغير أحوال البشر.
وذكر وجه ثان: وهو أن تكون الهاء راجعة إلى الله تعالى، ويكون المعنى انه خلقه على الصورة التي اختارها واجتباها، لان الشئ قد يضاف على هذا الوجه إلى مختاره ومصطفيه.
وذكر أيضا وجه ثالث: وهو ان هذا الكلام خرج على سبب معروف لان
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست