تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٧٢
تعالى: ﴿وجاء ربك والملك صفا صفا﴾ (1) وهذا أيضا غير ممتنع.
في قول محمد (ع) يعذب الميت ببكاء الحي عليه:
(مسألة): فإن قيل: فما معنى الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الميت ليعذب ببكاء الحي عليه ". وفي رواية أخرى " ان الميت يعذب في قبره بالنياحة عليه ". وروى المغيرة بن شعبة عنه صلى الله عليه وآله أنه قال : " من نيح عليه فإنه يعذب بما يناح عليه "؟.
(الجواب): قلنا هذا الخبر منكر الظاهر لأنه يقتضي إضافة الظلم إلى الله تعالى، وقد نزهت أدلة العقول التي لا يدخلها الاحتمال والاتساع والمجاز الله تعالى عن الظلم وكل قبيح. وقد نزه الله تعالى نفسه بمحكم القول عن ذلك فقال عز وجل: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) (2). ولابد من أن نصرف ما ظاهره بخلاف هذه الأدلة إلى ما يطابقها إن أمكن، أو نرده ونبطله. وقد روي عن ابن عباس في هذا الخبر أنه قال وهل ابن عمر: انما مر رسول الله صلى الله عليه وآله على قبر يهودي أهله يبكون عليه فقال إنهم يبكون عليه وانه ليعذب. وقد روى انكار هذا الخبر عن عائشة أيضا، وأنها قالت لما خبرت بروايته: وهل أبو عبد الرحمن كما وهل يوم قليب بدر، انما قال (ع) ان أهل البيت الميت ليبكون عليه، وانه ليعذب بجرمه. فهذا الخبر مردود ومطعون عليه كما ترى. ومعنى قولهما: وهل: اي ذهب وهمه إلى غير الصواب. يقال وهلت إلى الشئ أو هل وهلا: إذا ذهب وهمك إليه.
ووهلت عنه أو هل وهلا: إذا نسيته وغلطت فيه. ووهل الرجل يوهل وهلا:
إذا فزع. والوهل: الفزع. وموضع وهله في ذكر القليب أنه روي أن النبي صلى الله عليه وآله وقف على قليب بدر فقال: هل وجدتم ما وعد ربكم حقا. ثم

(١) الفجر ٢٢ (2) الانعام 164 - الاسراء 15 - فاطر 18.
الزمر 7 - النجم 38
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست